لويزا مزّقت أحلام وهشمت قصور وقهرت نساء صغيرات «الجزء الثاني».

تقييم ومراجعة كتاب نساء صغيرات الجزء الثاني للمؤلفة لويزا ماي ألكوت - ترجمة مها محمود صالح 


نعود لنساء صغيرات بالجزء الثاني سعيدة جدًا لأنني سأعود لفتياتي الصغيرات لكن لدي شعور بالخوف إن لا يكون بقدر جمّالية الجزء الأول. لِنستعذ بالله من الشيطان الرجيم ونبدأ في تصفية حسابتنا مع لويزا.

الحياة والحب هما أثمن ما يملكهُ الإنسان، خصوصًا عندما يكونان في أوج ازدهارهما.

بعدما كبرنْ فتياتي الصغيرات الرقيقات بدأت كل واحدة منهن العيش بأسلوبها الخاص وطريقة تحقيق أحلامها كما كانت الفكرة الرئيسية في الجزء الأول، إيمي تغادر المنزل لِتلحق بأحلامها أن تُصبح فنانة شهيرة وميج تبدأ في ترتيب وتوضيب عش الزوجية أمَّ رجل المنزل التي كبرت قد غرست بذور موهبة الكتابة وترغب بقطف حَصِادها، تدرك بيث قلقها المستمر وتَفَقّدها الناعم على إسرتها الكريمة وخوض مشاعر جديدة غريبة.

الحبّ بلا شك يجعل المرء يزداد جمالًا.

إيمّي لازالت شخصية حساسة وطفولية جدًا رغم إنها تبلغ السادسة عشر ! لا أدري لماذا تتصرف كالأطفال وهي بالغة؟ بالرغم إنَّ المؤلفة سخّرت هذا الجزء لشخصية إيمي بشكل كبير. وكان الفصل الثالث مستفز بالنسبةٍ لي بشكل فظيع شخصية لا اهضمها أبدًا من الجزء الأول. فكيف لو كانت تمتلئ في هذا الجزء. اللهم الصبر والسلوان.

أعتقد بأنكِ لن تعطي أحدًا فرصة كافية، ولن تُظهري أبدًا الجانب الرقيق من شخصيتك، وإذا رأى أحدهم ذلك الجانب على غير رغبة منك، ولم يملك إلا أن يظهر لك إعجابه به، فإنك ستفعلين مثلما فعلت السيدة جاميدچ التي ألقت الماء البارد على عاشقها، وستصبحين بعدها كفرع الشجرة الجاف، المليء بالشوك الذي لا يجرؤ أحد على لمسه أو حتى النظر إليه.

تغيّر هذا الجزء عن الجزء الأول لأن أسلوب الكاتبة أختلف. في الجزء الأول كُنا نشهد العديد من الحكم والطرائف بين الفتيات ومزحهنْ مع بعضهن وطريقة عملهنْ. كان جيد بالنسبة لي. حينما شرعت بقراءة الجزء الثاني انتابني شعور بأنه لكن يكون كما كان الجزء الأول. كما قلت سابقًا. الكاتبة بدأت تخبرنا عن حياة الفتيات بعد آخر حدث حصل في الكتاب السابق وكيف عشنْ حياتهن بعد زواج ميج “الشخصية المسكينة” وبدأت سيرة حياتهنْ أو الدراما المنزلية كما سمّتها المؤلفة بسيطة وهادئة عكس حياتهنْ قبل في الجزء الأول التي كانت تمتلئ بالحب والصراعات والفقر وفقد والدهنْ — أشعر بحالة ركود في هذا الجزء وتمنيت إنني لم اقرأه حقًا لأنه أفسد متعة الجزء الأول، شعرت بالحسرة على المسكينة ميج وكان حديث عمّتها لم يخيب فقد أصدقت القول ونحنُ أيضًا نعلم ذلك لأننا نسمع لها في بداية الفصول الأولى في الجزء الأول إنها ترغب بالثراء وملّت من الفقر وقامنْ إخوتها بدعمها. فنجد في هذا الجزء الثاني إنها لا تعيش أحلامها وإن الحُب لا يجدي نفعًا ولا يؤكل عيشًا.

هو فقير، لكن معه دائمًا ما يعطيه لآخرين.

الكاتبة جعلتني أشعر بمرارة وحرقة وتمنيت حقًا أن لا اقرأ هذا الجزء شعرت بروح مرحة تُذبح مقابل الزواج، لم أشعر إنني اقرأ نساء صغيرات أحببنْ الحياة ويحلمنْ العيش بالنعيم ويسعون كثيرًا لأحلامهنْ في القصور التي دّمرتها لويزا ببساطة، بفكرة الزواج. أنا مُستْاءَة. لا أستطيع إدراك إن هذا الجزء مرتب بأحداث ونغم الجزء الأول لفتيات يحلمن كثيرًا بالمختصر المفيد لويزا دمرت أحلامهن ومزقت بهن ورمت وتهدمت القصور وتبخرت كل رؤى المستقبلية، لماذا يا لويزا؟ بالله عليكِ لماذا؟

اما الخطوط التي على جبينه فهي تدل على أن الزمن كان رفيقًا به، كما ترفّق هو بالآخرين، والزوايا اللطيفة التي تُحيط بفمهِ ما هي إلا تذكرة بكلمات المودّة والضحكات التي تبادلها مع الأصدقاء.

نقطة مهمة جدًا، أنا لا أقول إنني ضد الزواج انا اتحدث بِحرقة على الشخصيات التي كانت تسعى لأحلامها ثم تنهار هذهِ الأحلام لِتهوى في قاع الظلام، أليسَ بظلم؟ لماذا على الأقل لم تحقق حلم واحد لأربعة شخصيات مسكينات.

بدأت عندئذٍ تدرك أن شخصية الإنسان هي في الحقيقة أثمن ما يملكه، إنها أثمن من المال والمكانة ومن القدرات الفكرية والجمال.

آه إنه الحب بدأ يضعف النساء الصغيرات وهذا أمر محزن للغاية حقًا ! كيف تغيرت مشاعر الفتيات إلى تلك الدرجة وبدأن يحبننْ صديقهم وجارهم الذي أمامهم وهذا غريب وهو يغازل إيمّي الشقيّة ويتصرف بحنان مع بيث ويريد إن يتقرب أكثر إلى چو — من المسؤول في رمي كل هذهِ المشاعر؟ إنه بالأصل لوري «تيدي» الشقّي أشعر إنه يتلاعب بمشاعر الفتيات إنهن ثلاثة يشعرنْ به وهنا نكتشف سر عظيم لذلك المرأة تعشق رجلًا واحدًا «الاهتمام» منبع وأصل المودةٍ والمحبة. نساء صغيرات يحلمنْ بالنجاح والثراء وتحقيق أهدافهنْ ثم بعد ذلك يسقط بهنْ الحب ويضعفهنْ.

إنه مثل جَزر مياه البحر يا چو، متى بدأ، يستمر ببطء، ولا يمكن إيقافه.

إن هذا الجزء فقد الإثارة والمتعة التي كانت قد جذبتني في الجزء الأول وفعلًا أشعر إن لويزا حطمت أحلامي مع فتياتي الصغيرات لماذا فعلت ذلك ولماذا دمرتهم؟ ودمرت أحلامي معهنْ أشعر باليأس من قرائتي لهذا الجزء وحقًا أرغب بتمزيق الكتاب لأن الأحداث اختلفت، لا أدري إن كان بلوغ أو نضوج الفتيات ازعجني أو ماذا؟.

يبدو أن قلوبنا نحن البشر هي في حقيقة الأمر متناقضة ومثيرة للدهشة، يؤثّر فيها الزمن والطبيعة رغمًا عنها.

إنها بدأت تميل إلى خطابات ورسائل و “فضفضة” من إيمّي وچو سافرنْ بعيدًا عن منزلهم وبدأنْ كتابة العديد من الرسائل وأصبحت الرواية متكدسة بالخطابات عما يحدث في سفرتهنْ، إنني أشتاق لمنزلهم وقطنهم فيه واشتاق لضحكهتن سويًا اشتاق حينما يجتمعون حول المدفئة ويبدأون في الحياكة و تناول الأحاديث — كانت متعة حقيقة لهن ولنا، لويزا مزّقت حلم نساء صغيرات ومزّقت ذاكرتي المسنة معهنْ.

عليها أن تدرك أن المال لا يمكنه أن يشتري دماثة الخلق، وأن المكانة العالية لا تعني بالضروري السلوك النبيل، وفي المقابل فإن حسن التربية لابد أن يظهر المرء برغم كل ماقد يعترض طريقة من عوائق.

لو أصبحت نساء صغيرات لامرأة صغيرة وهي چو لازداد تعّلقي بالرواية أكثر الفصول التي تنبع بشخصية چوزفين كانت قريبة لِقلبي جدًا وممتعة بالنسبة لي لأنها تبحث عن الأدب كما هو حالي مع الكتب وعالم الأدب الكبير وأيضًا تتعلم اللغة الألمانية كما يحدث معي — أحببت شخصية چو جدًا ولا أمانع لو اصبح الكتاب كاملًا عنها فهي شخصية رائعة جدًا متزنة وأيضًا منطقية على باقي شخصيات إخوتها العاطفيات.

تحقيق الثروة هو، بطبيعة الحال، من أهم أمنيات البشر جميعًا، لكن الفقر أيضًا له جانبه المضيء. ومن أجمل ما تمنحه المحن للبشر أنها تحقّق لهم الرضا الذي يأتي من الإخلاص في العمل، عقليًّا كان أو يدويًّا. والحاجة أم الاختراع، لذلك نحن ندير بجزء كبير من نعم الحكمة والجمال والفائدة، للإلهام الذي يأتينا بدافع الحاجة.

سامحوني أرجوكم قد ابالغ في شعوري بالقهرِ والحسرة على فتياتي المسكينات، لويزا لماذا فعلتي ذلك؟ آه اشعر بالوجع حقًا وبالمرارة چون الفتى العاشق الذي كان سيفقد روحه ويدفن جسده إن لم توافق ميج على ذلك الزواج وبعدما وافقت عزيزتي ميج المسكينة الغبية قام بترك منزلها لأنها اهتمت بشدة لأبنائها التوأم آه ياحسرتي عليكِ يا ميج المسكينة ! إنَّ العمّة كانت لديها بعد نظر في هذا الفتى الشقّي يغادر منزله بسبب إزعاج ابنائه الصغار — ظلمتي نفسكِ يا فتاتي المسكينة، تقف أمام المرآة وتفكر إنها تزداد قبحًا بسبب ثقَّل المسؤوليات المنزلية ومسؤولية أطفالها الصغَّار وتشعر بالرثاء لِنفسها. معدتي لا تتسعى لهذا الظلم الذي اقرأه. دعوني أتحدث بكامل راحتي وتفاصيلي الكثيره.

إن الحياة الزوجية مهمّة شاقة، تتطلّب قدرًا لا نهائيًا من الصبر، بجانب الحب، كما اعتادت أمي تقول.

معدتي لا تستطيع التعامل مع هذا الألم بعد عدة الفصول التي قرأتها، اشعر بالظلم ولا استطيع إلا إن اتحّسب كثيرًا على لويزا التي سببت لي حرقة في مرئي ومعدتي. كما يفعل الشاي الأحمر.

حسن الخلق هو نفسه جائزة أصحابه.

حينما تبقى مئة صفحة على مغادرة فتياتي الصغيرات ابتدأت الصفحات تحمل الكثير من الهموم وبدأت العب في هاتفي كثيرًا على الرغم إنني إنسانه اجتهد حينما اقرأ لكن لويزا جعلتني اكرهه الكتاب واكرهه هذهِ النسخة التي أحداثها تميل عننا وتنجرف نحو الأسوأ — أرغب بذكر تفاصيل مؤلمة لكنني لا أرضى أن احرق أحداث القصة عليك عزيزي القارئ فأنا اهتم كثيرًا بمشاعرك. يدفعني الفضول أن اخبرك عن قصة بيث ولكنني سأصمت وأرجو أن تتحمل الصدمة كما تحملتها انا.

إذا كنت أتمتّع حقًّا بموهبة فنية، فسوف أتمكن من اكتشافها في روما.

لأن چو لم تلتقي بنصيبها بعدما بعثرت الكاتبة الرواية بنهايات نصائح لمعشر الرجال عن “العوانس” ويجب أن يراعوا مشاعرهنْ! بعد ما فعلته تطالب السادة من الرجال الرفق بالعوانس، لماذا لم ترفقين بفتياتي المسكينات؟ لماذا تنال چو نهاية مُحطمة مثل هذهِ؟ لماذا تكبرتي على فتياتك ومللتِ منهن!

كان عقلها ينمو أسرع كثيرًا من قلبها، كما فضّلت دائمًا الأبطال الرومانسيين في القصص عنهم في الواقع، لأنها كانت تستطيع إعادتهم إلى مطبخها القصديري القديم، إلى أن تحتاج إليهم، أما شخصيات الواقع فإن ترويضهم بالتأكيد أكثر صعوبة.

حبيبتي الغالية چو تضيّع حياتها بسبب إختياراتها القاسية مجددًا كما فعلت ميج المسكينة. أفقدتني المؤلفة شغفي في معرفة تفاصيل حبيباتي الصغيرات وانا أبلغُ العشرين جعلتني أشعر إنهن بناتي وأخاف عليهنْ ولا أتقبّل أي ضرر لهنْ. حقًا تمنيت لو إنني لم اشتري هذا الجزء كانت ستغلق على «الدراما المنزلية» لحظة سعيدة على الأقل ولو كانت لم ترضيني ولكنها تمنح فتياتي السعادة على عكس هذهِ التي اقرأها. مسار القصة اختلف بشدة في هذا الجزء وافتقد للمتعة والدفئ على عكس ما كان يُقدمه الجزء الأول يعني بذلك إنهُ صار عالمًا جديد على قارئة سابقة وأظن إنها تسبب الألم لكل قارئ. لا شك إن إلكوت قد تلاعبت بمشاعري بمستوى عالي جدًا في الجزء الأول اشعرتني بالدفئ والحنين العائلي وفي الجزء الثاني تقلبت مشاعري وشعرت بالخيانة إتجاه هذهِ التغييرات السريعة خصوصًا إنني شرعت في القراءة بعدما انتهيت من الأول في نفس اليوم لهذا انا اشعر بالصدمة المتضاعفة.

أدركت أن عواطفه أكثر عمقًا مما يمكنها التعامل معه.

للأسف إذا أعجبتك التدوينة الأولى في البحث عن معاني وحكم وجواهر كل فصل فهذا الجزء لا يحمل أي معاني هو فقط كُتَّب لدهس الأحلام فلا تتوقع مني أن ابحث عن حِكم الفصول بينما فتياتي يشعرن بالألم، اعتذر لك عزيزي القارئ.

يروق لي أن أشعر بأن ثمة من يُسعده أن يراني عندما أعود من جولاتي.

إن الرجال في منتهي الأنانية، حتى أحسنهم أخلاقًا.

فلتحب چو طوال حياتك، إذا أردت، ولكن لا تجعلها تفسد حياتك، فمن سوء التصرف أن تتخلّى عن كل الهبات التي بحوزتك، لأنك لا تستطيع الحصول على تلك التي تريدها.

من السهل على المرء أن يتعهّد بإنكار الذات عندما تكون النفْس متعلّقة بأخرى، تمنح المثال الراقي الذي يتطلّع إليه القلب وتصبو الروح. أما عندما صمت الصوت المشجع وانتهى الدرس العملي، وغاب الحضور المحبوب، ولم يبقَ شيء سوى الوحدة والحزن، حينذاك صار التزام چو الوعد الذي قطعته على نفسها غاية في الصعوبة.

اعتادت أن تتصرف بطبيعتها، أي كما توجّهها حالتها المزاجية.

الأمهات هن أفضل المحبّين في العالم.

لم أكن أعرف أن الحياة على الأرض يمكن أن تشبه الجنّة، عندما يتحاب رجل وامرأة، ويهب كل منهما حياته للآخر.

التقييم النهائي لنساء صغيرات الجزء الثاني : ٥ من أصل ١٠ 👩‍👩‍👧‍👧.

لا أرغب بمسامحة لويزا.

تعليقات

المشاركات الشائعة