الموريسكيين مسلموا أرض الأندلس
تقييم ومراجعة مسرحية «ابن أمية» أو «ثورة الموريسكيين» — تأليف مارتينس دي لاروزا عن ترجمة د. لطفي عبدالبديع
مسرحية إسبانية تاريخية مأساوية في ثلاثة فصول تنقل لنا تاريخ ثورة الموريسكيين المسلمين على أرض الأندلس. تحكي عن المعاناة والألم والاضطهاد. وماذا يعني أن تكون مسلم لكنك تصلي بالصليب. قام بتأليفها مارتينس دي لا لاروزا وهو يعد علم من الأعلام الأدب الإسباني في عصره. والذي قد تحول فيه عصر الأدب الكلاسيكي إلى الأدب الرومانتيكي. كانَ زعيمًا سياسيًا. وقد اشترك في اعمال بلاده المضطربة في ذلك الوقت.
نشهد بمقدمة رائعة تختصر معاناة المسرحية وآلامها يخفف عننا المقدم وطأة الحزن الكامن في المسرحية والذي قد تشبع بدايةً في المشهد الأول حينما شعرت سليمى بقلب زوجها ابن أمية الذي امتلأ حزنًا على بلاده ووطنه وقلبه ويمينه وضلعه بها. يتأمل حسرةً ووجعًا عليها، وتحاول جاهدة تخفيف ما يشعر به بالحوارات العميقة تبدأ كلامها بقولها لتخفيف عبئه. «قلب المرأة لا ينخدع قط.. فمنذ حين وأنا أراك مشتّت النفس مبلبل الفكر لا تفارقك الهموم والأحزان» وهنا نستشعر الحزن الشديد على ماحدث في بلاده من النصارى من سلطات المملكة الأسبانية ولبسهم الذي يرتدونه أمامهم بحسرة وقلب يدمي خوفًا من الخالق عز وجل. يلعنون ويسخطون وفي داخلهم بكاء ينزف أنينه من قوته. نشهد الحرب القاسية التي لا نتمناه لأي مسلم على أي وجه في هذهِ الأرض الوسيعة. مؤلمة حقًا وقع هذهِ المسرحية عليَّ وحساسة جدًا بشخصياتها التي لا تتمنى من نعيم هذهِ الدنيا إلا أن تسبح الله وتوحده توحيدًا. نشهد تحولاتهم الدينية والثقافية في خلال حواراتهم.
قدّم لنا المؤلف هذهِ الصراعات التاريخية عن تاريخ الموريسكيين الذين تعرضوا لشتى أنواع التعذيب بطرقها الوحشية. الذين غادروا بلادهما وموطنهما قسرًا وجهدًا عليهما عبر مسرحية مأساوية تأثر في التاريخ الإسلامي. عبَّر بأفكاره عن تحدياتهم وصعوباتهم وقوة صمودهم في مواجهة هذهِ الصراعات القاسية. خرج المؤلف بقيمة أدبية تاريخية في صناعة تاريخ الموريسكيين وكانت الشخصيات عميقة وصوتها واضح ومرتفع وتحاجج بقوتها الكامنة في داخلها. المسرحية جيدة أدبيًا ومؤلمة تاريخيًا، وقد كانت الدراما التاريخية لعبت دورًا جيدًا في بناء المسرحية وتاريخها وشخصياتها.
استمتعت بقراءة المسرحية فعلًا. والحوارات كانت عميقة وهذا عنصر مهم. وكانت الشخصيات بارزة وصوتها حاد وواضح وكانت لها قيمة أدبية في سياق المسرحية. لكن لم يعجبني لقب “مولاي الكريم” لأنه محرم قوله وذكره ابن باز في الحديث الرسول عليه الصلاة والسلام. كان من الممكن تغيره لشيء غير ذلك.
نشعر بأزمة الضمير التي تشعر فيها الشخصيات حينما جت فاطمة تبكي لوالديها لأنهم انتزعوا النقاب عن وجه صديقتها رغمًا عنها ثم من خوفها نزعته حتى يتركونها لوحدها. هنا نخوض ألمها وبُكائها في حضن والدتها خوفًا من ارتكاب الذنب في كشف وجهها. وقد صنعت الحادثة المؤلمة صوت آخر للتمادي. لأنهم أمام أنفسهم مسلمون وأمام سلطات المملكة الأسبانية نصارى.
يختتمون الموريسكيين آلمهم وحزنهم حينما غادروا بلدتهم الحبيبة غرناطة بشعر موريسكي تزف الأعين ماءها الغليظ بسبب كلمات الوداع المؤلمة.
فاضت عيناه بالدموع
وفي هذهِ اللحظات الحزينة
أخذ يودّع غرناطة
«وداعًا أيها المرج الجميل»
أرض تحسدها السماء
ولدت فيها لسَعدي
وفيها كنت أرجو أن أموت
عن رحابك وعن داري
انتزعتني نجمتي القاسية
وحكمت عليّ بأن أحيا
وأموت في أرض غريبة..
وداعًا يا غرناطة إلى الأبد!..
شعر موريسكي حزين مؤلم يصف الوداع القاتل لوطن حمله واعتنى به واعطاه ثم الان عليه أن يُغادره. تستشعر الألم والوداع الحارّ الذي يصيب المرء حينما يغادر وطنه الذي يُحبه.
أن الدراما التاريخية لا يكتب لها النجاح في المسرح إلا إذا أشبعت العقل والقلب في آن واحد.
أنا لا أملك سوى يميني وقلبي وهما لوطني منذ عهد بعيد. ترى ماذا استطيع أن أهبه زيادة على ذلك؟ وإذا لزم القلب والميني للنضال فيهما وحدها للملك لا يكفيان..
التقييم النهائي : ٧ من أصل ١٠ 🇪🇸.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركني رأيك، لأنه يهمني.. الخانة مفتوحة لبحر كلماتك 💌