الانغماس في الحزن

تقييم ومراجعة رواية سأكون هناك للمؤلفة الكورية كيونج سوك شين، الترجمة عن الكورية: محمد نجيب من دار المحروسة ٢٠١٠

لون الغلاف آخ مزعج جدًا حاولت بقدر المستطاع تخفيف الإضاءة 😖

تحذير -قارئي الكريم- ⚠️: هذهِ الرواية حزينة جدًا جدًا، رفقًا بنفسك لو رغبت بقراءتها.

لم أنتبه كثيرًا لاختياراتي في آخر ثلاثة سنين لكن لاحظت إنها تطورت وتقدمت كثيرًا! لاحظت أنني بدأت أفهم ذاتي وشخصيتي في اختياري للكتب، لم تعد عشوائية بحماقة مثل قبل، ولم تعد إجبارية بل في وقتها المناسب. لكل قراءة وقتها المناسب فعلًا وأذكر أنني كتبت عن ذلك سابقًا في أحدى قراءاتي القديمة. لكل قراءة لها وقتها المناسب وهي تفرض ذاتها، فلا ترتبك ولا تتأخر. وبالمناسبة، أول قراءة في الأدب الكوري! التجربة ستكون مذهلة بإذن الله. لنخوض الأدب الكوري سويًا.

ونعم ملاحظة أخيرة، هو أنني كلما قرأت أكثر كلما أدركت أن هناك تجارب جديده أخرى تسقط صدفةً في طريقي، الذي اعتقدت وظننت أنني قراءت العديد من الكتب واكتفيت… لكن في كل كتاب وكل صفحة لأبد أن تظهر فكرة إنني لم اقرأ بعد تعد وهذهِ أول قراءاتي الأدبية.

مساءًا شتويّ واقتضاب واضحًا من الشخصية!

ندخل معها ونقف في خلف النافذة التي تتساقط عليها الثلج، أننا في كوريا الآن.. نعلم إننا هناك من خلال الغلاف لا من خلال تصرفات الشخصية أو حتى علامات واضحة من الكاتبة نفسها، نحن في الماضي في حقبة الرواية، لكن علامات الزمن غير واضحة، دلالات المنطقة غير واضحة، مثلما بدأت ضبابية استمرّت على هذا النهج. كلما اقتربنا في الصفحات كلما تعرفنا على ملامح الرواية، اتخذت الكاتبة طريقًا طويلًا لتتضح كل الصور وكل المعالم وحتى الشخصيات. وفي الصفحة الأخيرة فهمت لماذا أخفّت هذا الشيء "مكان الرواية" أو الشخصيات. ولو إنها فكرة جيدة إلا أن ثقافة المجتمع واللغة كانت ولا زالت أساسية في البناء الروائي لأستطيع فهمه أكثر وتكوّن خلفية واسعة بالنسبة لي.

ركزت على الأدب أكثر من تركيزي على القصة والأحداث والتعرف على الشخصيات، وحتى في هذا النص أنا أقوم بذلك.. حسنًا أقل ما يمكنني الكتابة عنه هي أنَّ القصة حزينة جدًا، وتصعب عليَّ -حتى بعدما أنتهيت من قراءتها-. والشخصية ضبابيَّة لحتى هذهِ اللحظة -في بداية كتابتي-، هي تصادق داهِن -الذي يملك اسمًا غريبًا جدًا- لكنها تقبَّله في طريقها لقبر والدتها، مضطربة وتعيش تحت هوية الغربة في مدينة تضمُّ مجتمعها، فلا تحيات تلقيها ولا قبلات ترسلها، حتى حينما غادرت الجامعة لم تودع أحدًا. لكن فجأة تلتقي بالشاب -ميونسجو-، وكانت تحت يده -ميرو- الفتاة الخجولة ذات الندبات في يديها، والتي تُثير التساؤل في فعلها حينما تدون كل شيء تأكله في دفترها! شكل الطبق، مظهره، مع من كانت تأكل؟ على ماذا يحتوي هذا الطبق؟.. تساؤلاتي مثيرة نحو هذا التصرف.

ولأكون سريعة في تقديم لمحة عن الرواية، هي قصة مأساوية تحدث بين أربعة شباب للأسف يكنّون الحب لبعضهما، وتسقط عليهما الظروف بما مروا به في الماضي، نواجه شخصيات ضائعة، ويزيدها حِطامًا في ذورة الشباب. نحنُ نسير بهدوء تام، وندخل شيئًا فشيئًا نحو عالم «كيونج سوك شين»، نتأمل بهدوء ونسيَّر بصمت في جوف الليل، أوّل قراءة أدبيّة كورية، فكيف ستكون تجربتي لعالم أدبي جديد؟ .. لون جديد، لغة جديدة وخيّال واسع جديد وانغماس كبير.

بدأت تتضح الصورة الضبابيّة التي اشتكيت منها، قالت اسمها أخيرًا بعد قطع أنفاس طويل، لا أدري لماذا الأسماء ترتبط في الصورة؟ .. ومهمة جدًا بالنسبة لي..

وانا لا أدري لماذا أفكر كثيرًا حينما أكتب عن الرواية؟ مثل -تسوكورو- الذي ارتبط اسمه انه يصنع الاشياء … وانه بلا لون.. ولا حتى شخصية مكشوفة. واضح بشدة تأثيرة رواية -تسوكورو- في داخلي. وبين تذاكر رحلاتي إلى محطات القطار وحتى في قراءاتي. بطلة سأكون هناك كانت ستكون كذلك، بلا لون أو هوية، فقط مشاعر مضطربة في قاعات جامعية، مع الأستاذ -يون-. كانت الصفحات الأوليّة تظهر وجهه كثيرًا ولهذا أحببت لحظات ظهوره حتى وأنا لم أتعرف عليه بشكل صحيح، أحببت المشاهد الذي يكون فيها، وفلسفته عن -جان كريسوفتر- التي جعلتني أغلق غلاف الكتاب والحبّو إلى تطبيق سفاري والبحث عن اسمه وقرأت مقالات متتالية عنه.. وإدراك الكاتب لكتابة هذهِ القصة والتي ظهرت مؤخرًا إنها سيرة ذاتية. مما أضاف إلى سلتي الثقافية وهنا سعدّت فعلًا.

تسير حياة -جونج ين- بهدوء وبحزن وبوحدة، نتعرف عليها من خلال وفاتها لوالدتها، والتي قررت أن ترسلها بعيدًا لتعتاد على الفقد وعلى الاعتماد على نفسها، لكنها واجهت هذا الألم بصراع لوحدها، ذهبت لتسكن مع أبنة عمها العروس الجديدة، وحاولت إخفاء نفسها ووجودها في منزل العروسين. أغرقت الغرفة التي تسكنها بالظلام خوفًا من مضايقتهما، أو من التَّطفل عليهما، تحاول جاهده أن تجعلهم لا يشعرون بها مهما حدث، لكنها تكتشف بعد ذلك أنها لا تستطيع أن تعيش معهما طيلة فترة حياتهما الذهبيّة. وفي مرحلةً أخرى تعود إليهما بزحف شديد.

اتَّضَحَتْ الشخصيات أخيرًا بعد ضبابيّة المستقبل، نكون في الماضي ونعيش معهما في لقاءاتهما ونستشعر الحميمية التي كانت دافئة بينهما، تعرفنا على -ميرو- وعلاقتها بأختها -والتي كانت صادمة جدًا بالنسبة لي- والسبب خلف ندبات يديها، تعرفنا على اسم -يون- الشخصية الرئيسية التي فقدت والدتها وأغرقت الرواية حزنًا في بدايتها، تعرفنا على -ميونسجو- لكننا نجهل كيف كان مع -ميرو-؟ .. تعرفنا أخيرًا على -داهن- الجندي الذي قرر أن يغرق في النظام العسكري، الشخصية التي تنبض حُبَّا وعطفًا على -يون- في فترة حزنها ومؤخرًا عرفت أنهم كبروا سويًا وكانوا قريبين جدًا لبعضهما.

وأخيرًا بعد عدّات بطيئة متناسقة نصل للرسالة وداع الأستاذ -يون- الذي أثارّت شخصيته اهتمامي وأظن السبب يعود لأنه هو العنصر المتزن في الرواية بأكملها، فكافة الشخصيات تعاني ومعناتها تصل للصراعات بين الصفحات وهذا لم يكن كافيًا لي لأنسجم بشكل ودّي معهم، وأظن إنه من الجيد وجوده ليضيف التوازن في انحرافية الرواية للحزن الشديد. لأني عادةً لا أحب الشخصيات الإنهزامية حتى لو كانت البيئة تُسيطر بشكل خفّي. أعلن استقالته، لكنني لم أكتفي من الشخصية فشعرت بالأسف عليه.. ورسالته كانت مهمة بطريقةً ما، الآن أنا وأنتم نعبر نهرًا مُظلمًا عميقًا. في كل مرة يضغط علينا وزنٌ مهول، وترتفع مياه النهر حتى حناجرنا، ونرغب في الاستسلام، والانزلاق تحت سطح الماء، تذكَّروا أن العالم الذي نمضي فيه لا يَقِلُّ ثِقَلًا عن الحمل فوق كتفنا. الكائنات الأرضية لا تستطيع للأسف التحرُّر من الجاذبية. تتطلَّب الحياة منَّا تضحية مستمرَّة وقرارات صعبة في كل لحظة. لا تعني عبور فراغ من العدم، بل اجتياز شبكة من العلاقات المتشعِّبة بين كائنات، كلٌّ له وزنه وحجمه وشكله. وطالما لا يكفُّ كل شيء عن التَّغيُّر، فإنَّ شعورنا بالأمل لا يجب أن يموت أبدًا. بناء على هذا، أغادركم جميعًا بفكرةٍ واحدة أخيرة: عيشوا. عيشوا. حتى آخر نَفَسٍ لكم. اعشقوا وقاتِلوا واغضبوا وتألَّموا، وعيشوا. كان هذا جزء بسيط من الرسالة وشعرت كأنها تصف كل المشاعر وكل الأحداث التي تنبض في الرواية بأكملها وكانت مهمة جدًا في التأثير على القارئ.

رغم إنها تسيَّر بهدوء إلا ضوضاء المحتجين كانت عالية وصاخبة مما حدث سقوط -جونج يون-، هي كانت تتمشى فقط ولا ترغب بأن تكون جزءً من هذا الصخب لكنها وقعت تحت غاز مسيل للدموع سقطت على جثة شخص ثم تاليًا سقط عليها شخصًا آخر، في مكان ما، لا تتضح صورته ولا ملامحه تستيقظ بألم عصيب في ركبتاها، وهناك كانت عيناه تحلق ثم إلتقطتها وركض نحوها ليحملها ويعالجها ويضحكها، الموقف الذي أعاد بناء علاقة -يون- بالشاب -ميونسجو-، فتبدأ علاقتهما بالنمو والتطور حتى أمسوا سويًا بالإضافة إلى -ميرو- التي وصلت لهمها.

مشكلة هذه الرواية إنها كانت صعبة في البداية ثم كانت جيدة في المنتصف ثم أربكت مشاعري وتناقضت ولا أدري ما أنا عليهِ الآن.. انتظر النهاية وكأنني أنام على جمرةٌ. تجعلنا الكاتبة نخوض أدب الرسائل في آخر مسار للقصة كإطار للسرد وهو الأدب الوحيد الذي لا أهضمه أبدًا، وأتجرع ذلك. هناك نقاط قوة وهناك نقاط ضعف تجتمع بشكل كبير في الكتابة، مثل قدرتها الإبداعية على الوصف الأدبي وتعد نقطة قوة، لكن نقطة الضعف هي عدم البناء الصحيح للشخصيات، يتحدثون الشخصيات وكأنهما من بعض من وقت طويل ولا أدري لماذا افتقروا او التقوا؟ ما اللحظة التي غيّرت مسارهما قبل أن يخوض كل منهما اللحظات التي أدّت إلى ذلك؟ لا أدري ما هي النقطة الفارقة، ثم يخرجون فجأةً ولا تخبرنا الكاتبة عنهما أو حتى عن حياتهما. يعني شعرت كأنني اقرأ جزء ثاني، وفقدت الجزء الأول وهذا أدى إلى شعوري بالملل الشديد وارتباكي من علاقتهما! تميل بين العبثية والدراماتيكية! تغيب مشاعر الحياة الحقيقة النابضة ويؤدي ذلك إلى انطفاء شعلتي عن القراءة!

اشتكيت كثيرًا وتذمرت في بداية قراءتي للرواية، لكن حينما قدمت لها الوقت الذي تحتاجه أنكشف كل شيء أمامي، عوالم جديدة، أحداث جديدة، وحتى شخصيات وضح خطها الزمني في حياة الشخصيات الأخرى.. هي تحتاج وقت فقط لتظهر لتنمو لتتقدم، استعجالي المثير للجدل قد يدفع الشغف إلى حافة الجنون.

قلت سابقًا إنني لا أحبذ الشخصيات الانهزامية، وأكره الشخصيات التي قد تخضع لأيّ ظرف نفسي أو جسدي وينتهي بها الأمر إلى مغادرة العالم. هذا النوع من الشخصيات يجعلني أفكر كثيرًا في حلول متعددة قد تُصبح في حياته لينبض مجددًا بالحياة التي وضعت في روحه. سأكون هناك، ليس رواية مأسوية فحسب، بل غارقة في الظلمة حتى ولو خرج بصيص أمل قد تقطعه الكاتبة سريعًا.

الله يبعد الشرَّ عن قارئي الكريم وعن كاتبتكم الحبيبة، لو رغبت بقراءة شيئًا يغرق بالحزن، فسأكون هناك هي المحطة التالية التي تناسب هذهِ المشاعر. رغم إنني لا اواجه أيّ نوع أو حساسية من الحزن في الروايات أو الفقد، أو حتى لحظات مأساوية قد تغيَّر في حياة الشخصية، إلا أنَّ هذهِ الرواية كانت اسوأ قراءاتي على رغم طيَّف مشاعري المُتقبلة لما يحدث في عصفها، هناك جانب يصيبني بالإحباط، قرأت روايات حيّرتني، وأحزنتني وأعظمها كانت رواية ١٩٨٤، كانت من أبشع الروايات لأنها مبنية على عالم ديستوبي، وهو التصنيف المفضل لي. وحتى رواية الجوع التي أثرّت عليَّ وجعلتني أثّمن النعمة. لكن بشأن هذهِ.. لا! تؤلمني وتحبطني بطريقةً ما! وكأن الكاتبة أقسمت بأن تجلب التعب لمن يقرأ الكتاب حتى لو كان هناك جانب مشرقًا.

تنطلق مسيَّرات في الشوارع للتعبير عن مشاعر الغضب في المجتمع، تبدأ من الشباب الثائر ويشجعونهم الكبَّار على ارتفاع صوتهم أكثر، يحدث أن يكون هذا الشغب في فترة نهاية الثمانينات -وهي فترتي المفضلة- إلى بداية التسعينات في كوريا الجنوبية، لكن سمَّات الحدث الحقيقة لا تبرزها الكاتبة، فنتوقع الأحداث والزمان والمكان، رغم اعتياد أعينهم على الغاز المسيَّل للدموع إلا إنهم لا يكفون عن التعبير بغضب حتى لو كان استيقظوا في مكانًا غير معروف، تقول -جونج يون-؛ كيف يتحمَّل أيّ إنسان هذهِ الحياة؟، فيرد عليها -داهِن-؛ لا يمكنهم تَحمُّلها؛ لهذا يشيِّدون الحواجز ويقذفون الطرف ويفرُّون من رجال شرطة مكافحة الشغب، فقط كي يُقبَضَ عليهم. ما لا يستطيعون تَحَمُّله هو حقيقة ألَّا شيء يتحسَّن حتى. لم يتغيَّر أيّ شيء منذ العام الماضي، كأن الزمن قد تجمَّد.

بعد أن أغرقتنا الشخصية في حزن عميق وذكريات مؤلمة أخيرًا تفتح مائدة الطعام بين ثلاثة شخصيات، ذكريات تسعدني وتجعلني أشعر بالراحة مع إدراك الشخصية لحقيقة وفاة والدتها، فقد جرعتني في بداية الرواية بألم الفقد والحزن الشديد لكن في هذا السيَّر والاجتماع والحجّ الطويل إختلفت المشاعر لأنها قد تحدثت عنها مع أشخاص حقيقيين، أو ربما لأن واحدة من الشخصيات تشبهها في حزنها، فكأنهما انسجمتا نظرًا لما يعانون منه. وهو فقد عائلي. وبعد هذا الاجتماع الحميم، نُصعق بنهاية تتركني في فقاعة أطفو على الحقيقة. فنخوض الألم ثانية بصورةً أقرب.

ترتبط علاقة -ميرو- مع -جونج يون- بقوة ويعود السبب إلى إنهما يعيشان بنفس شعور الفقد العائلي كما قلت سابقًا، فلهذا السبب يتقرب أحدهما الآخر ويكتشف -ميونسجو- ذلك لأنه كان يعرف السبب القوي الذي سينجرف إليه الفتيات. كنت قد عرفت أنَّ -يون- تعاني من فقد والدتها من بداية الرواية لأنها أغرقتني بحزنها مما أدّى نفوري من الشخصية، لكن -ميرو- كانت غامضة جدًا ولا تتحدث كثيرًا عن الألم الذي تكنه في صدرها، ورغبت بمعرفة كيف كانت حياتها؟ لأننا لم نتعرف عليها عدا من خلال علاقتها في الاثنين -يون- والشاب -ميونسجو-.

نتعرف على حادثة أخت -ميرو- التي أدتَ بها إلى الحزن والندبات على يديها تشوهت يديها وفي مذاكرتها تكتب عن اليدين -الجميلة، لكننا نحضر في كتابة هذهِ المذكرات أنَّ لكل شخص منهم له نظرة خاصة في اليدين، نكتشف الجمال مع -ميرو ونكتشف الأيدي العاملة مع -ميونسجو- أمَّ -جونج يون- فقد كانت تراقبهما وتتفكر في يدين -ميرو- التي أمامها تسجل كل شيء تأكله وتدونه في دفترها حتى مع أختها. ثم يكتب -ميونجسو- أخيرًا؛ تستطيع أن تتعرَّف على حياة إنسان من يديه.

أنا في نصف طريق رحلتي لكوريا الجنوبيّة، تعايشت مع رحلتي السابقة في اليابان، استطعت تخيّل أشكالهما وحواراتهم وحتى لغتهم التي تُرجمت للغتي الأم، كُنتُ أشعر بسارة ووجها المشرق وحتى بأزيائها الجميلة التي يراها -تسوكورو-، لكن هنا… أشعر بالأدب المبالغ بهِ واللطف وتحيَّتهم لكن اللغة صعبة في ذهني، رأيت طبق -الكيمشتي-، وطريقة طيء ورقة بيريلا في داخل الأرز، شاهدت محطة مسار قطار -سوّل- لكن أشعر انهم لا يتحدثون لا لغتي الأم ولا لغتهم الكورية، ولم أتعرف على هذا الشعور سابقًا مع أي كتاب لغته مختلفة. إلا سأكون هناك. هدوءها مذهل لكنها ليست مثيرة كما توقعتها، فيها شيئًا ما لا يجذبني! أكثر ما انسجمت معه هي المذكرات البنيّة استمتعت كثيرًا بتساؤلات -ميونسجو-، وكانت المشاهد جيدة على عكس الفصول الباقيَّة، التي تحكي عن تجارب متكررة مع أشخاص جدد. لا تثير فضولي -ميرو- ولا حتى -يون-، ولستُ آسفة لذلك. أسماءهم صعبةً جدًا حتى في اللفظ والكتابة ومزعجة بعض الشيء! والرواية بأكملها أحبّطتني، ولا أستطيع كبح مشاعري حينما انتهيت منها أخيرًا فالوداع أمَّ أن يكون محزنًا لفراق الكتاب أو مفرحًا لمغادرة شيئًا تقبلته غضبًا عنك. لن أظن أنني سأقرأ للكاتبة ثانيةً فالألم الذي تجرعته هنا يكفيني ولا أريد إعادته ولا أظن أن بقيَّة كُتبها تختلف عن سأكون هناك.

سوف يمرُّ هذا أيضًا كما يمرُّ كُلُّ شيء.

أراد أن يكون وحيدًا بشكل صادق وصارم في مواجهة الموت.

كلُّما شعرت بأنني سأستلم، أمشي في أرجاء المدينة.

ثمَّة أشخاص يتقاطع طريقنا معهم في الحياة باستمرار، سواء أدركنا ذلك أم لم نُدركه.

يُمنح كُلٌ مِنّا حياة واحدة.

أنَّ على الجميع أن يقول وداعًا في النهاية.

الكتابة تتطوَّر مثل البذرة.

لا تَكتُبْ جملةً واحِدةً تُحرِّض على العنف.

أحيانًا أتمنَّى لو بإمكاننا أن نبدأ الحياة كبارًا، ثم نصغر في السن مع تَقدُّمنا في الحياة.

أتمنَّى لو كان هنالك شخصٌ يَعدني بألَّا شيء عديم المعنى في هذهِ الحياة.

كيف يتحمَّل أيّ إنسان هذهِ الحياة؟

أنَّ مشاركة الأسرار تُقرِّب بين البشر دائمًا.

أنَّ البوح بما في قلبك إلى شخص ما قد لا يُقربِّك منه، بل قد يُضعف في الحقيقة علاقتَك به. اعتَقدتُ حتى أن التَّقرُّب من شخص ما يتحقَّق بشكل أفضل من خلال التعاطف معه في صمت.

أنَّ القطط تتعلَّق بالمكان أكثر من البشر؛ ولهذا يُعثر على القطط كثيرًا داخل البيوت المهجورة.

كلَّما زاد عدد الشهود، كلما بات الإحساس بالمسؤولية الفردية أقلَّ.

لماذا لا يمكن أن يكون العشق مُفرحًا ببساطة؟ لماذا يجب أن يحوي أيضًا حزنًا وإحباطًا؟

تستطيع أن تتعرَّف على حياة إنسان من يديه.

كي تمسك يد أحدهم، عليك أوَّلًا أن تعرف متى ينبغي عليك أن تتركها.

لكلَّ إنسان أسلوبه الخاص لتحديد قيمة الأشياء.

الرقيب يضرب العريف، والعريف يضرب عسكريّ الدرجة الأولى، وعسكريّ الدرجة الأولى يضرب العسكريّ الذي يضرب الآخرين الأقل منه رتبة. تلك شريعة الجيش.

أجمل امرأة في العالم هي امرأة حُبلَى بحياةٍ جديدة.

وجوهنا تتورَّد بالحب الذي يُكِنُّه كلٌّ مِنَّا للآخر.

بهتت الذكرى لكن لم تختفِ أبدًا. لهذا لن أخبركما أن تتجاوَزَا الأشياء التي مررتما بها. عليكما أن تفكِّرا فيها ثم عندما تَفرغان من التفكير، فكِّروا فيها أكثر. فكِّرا فيها حتى لا تستطيعا التفكير فيها بعد الآن. لا تَكُفَّا عن مساءلة ما هو ظالم ومُحيِّر. البشر غير مثاليين نحنُ مُعقَّدون ولا يمكن تفسير سلوكنا وفقًا لأيّ معيار أخلاقي أو مقولة حكيمة. تأنيب الضمير، تساؤلي الدائم عن الخطأ الذي ربما قد ارتكبته، سوف يلاحقني طوال حياتي كظِلِّي. كلما أحبَبتُ شخصًا أكثر، كلما زاد ذلك الشعور بالذّنب قُوَّةً. لكن لم نَقنَط ونُحبَط بسبب الأشياء التي فقدناها فما معنى كل هذا؟ لكن… لكن لا أوَدُّ أن يُدمِّر ذلك القنوطُ والإحباط روحَيْكما.

سوف تتوقِّف عندما تكون مُستَعِدِّة.

تأمَّلتُ الوجوه الحائرة وابتسمت إلى نفسي. أشعر أنني أشيخ كلَّما سحرني الشباب. لكن أن يشيخ المرء أمرٌ ليس سيِّئًا. أن أشيخ يعني أن الجسد المستتر الذي أشعر به نحو الأشخاص الذين يجتازون مرحلة الشباب، وموجات الفقد التي تغمرني عندما أرى الطريقة التي يبدو أنهم يتوهَّجون بها، سوف تنحسر ولا تُخلِّف وراءها سوى الأمل في أن يشقُّوا طريقهم الخاص إلى الأمام بحرية من دون أن يعوقهم أيّ شيء.

إنَّ معرفك أنك حيٌّ تعني معرفتك بأنك سوف تتحوَّل قريبًا إلى صورة مختلفة. لا يكفُّ الإنسان عن التغيُّر، وذلك هو مصدر أملنا. كل الكائنات من البشر -حتى أتفه الكائنات- تمرُّ بلحظة من التوهُّج بين الولادة والموت. لحظة نسمِّيها "الشباب".

كل الأشياء يجب أن تنتهي.

كل شيء يجب أن ينتهي -الشباب والألم والشغف والفراغ والحرب والعنف. ألا تتفتَّح الزهور وتذبل؟ تمامًا كما أتيت إلى الوجود، يجب أن أمضي خارجه. انظروا إلى السماء. هناك حيث النجوم. إنها تتلألأ هناك دائمًا، سواء حدَّقنا إليها أو نسينا ذلك، وستظل تتلألأ طويلًا بعد موتنا. أتمنَّى أن يصبح كلُّ واحد منكم أحدَ تلك النجوم المتلألئة.

— التقييم النهائي: ٥ من أصل الغرق 🇰🇷.

تعليقات

المشاركات الشائعة