محاضرات جديدة نقيّة في قاعة آذر نفيسي الدراسية.

 تقييم ومراجعة كتاب جمهورية الخيال «أمريكا في ثلاثة كتب» للمؤلفة البروفيسورة آذر نفيسي 

أولًا وقبل كل شيء. قارئي المفضل قبل أن تخوض في قراءة محاضرات آذر نفيسي أحذرك. يجب عليك قراءة الثلاثة الكتب التي درستها قبل أن تقرأ محاضراتها. لأنها سَتناقشك وتتكلم عن الموضوع بناءًا على إنَّ قارئها قد قراء هذهِ الكتب التي تكلمت عنها. فلذلك أحذرك وارجوك لا تقع في خطائي لو إنني قرأت الكتب الثلاثة لكنتُ أقرب لمخيلتها وجمهوريتها التي بنتها. لذلك اقتراح مني اقرأ عن مارك توين، وعن كتاب هك فن وأيضًا عن كتاب بابيت وأيضًا عن الكاتب كارسون.

عدتُ لكاتبتي المفضلة لمعلمتي الرائعة. هنا آذر نفيسي تكتب لنا عن أمريكا موطن الأحلام فرصة البقاء حيًا أرض الخيال. طهران. المليشيا. الأدب. الحلم. أمريكا. بلاد الحرية. شكرًا آذر على هذهِ النشوة الأدبية التي استمتعت بقراءتها حقًا. نعود لآذر التي لها الحق في تسمية الأشياء كما تحب. كما سمّت رامين وموطنها الحالم الأدبي «جمهورية الخيال».

في أن تقرأ لوليتا في طهران كانت تتغلل إيران في الكتاب وتتطور بشكل كبير ونحضر فصول آذر الأدبية المحرمة في الجامعة ونشهد معاناتها النفسية وخوفها الشديد على عائلتها. ولكن في جمهورية الخيال نخوض أفكارها الشخصية ودروسها الأدبية العميقة مع صديقتها المخلصة لها، نخوض حواراتهما وفصولهم المفضلة وكتبهم المفضلة ونقاشاتهم توصلنا اذر معها في غرفة المستشفى ونتذوق طعم الكابشتينو في الصالون معهن وحديثهما. نحيا مع مشاعر آذر في صغرتها مع صديقتها وحتى بعدما كبرت وبعدما تبنتهم أمريكا على رغم أنهم من موطن واحد وأسرة واحدة نخوض تفاصيل أعمق عن حياة آذر الاستاذة الجامعية اكثر نتعرف عليها عن قرب ولحظاتها الحميمية مع أسرتها وصديقتها.

يُفَجّر شاب كلمات صغيره تقع قوتها على أذني آذر نفيسي فتجادلها نفسها في الإلتفات إلى حقيقة هذهِ القنبلة التي فجّرَها الشاب عليها! فتبدأ في مشوارها الأحب لقلبها والذي نحبهُ معها لأننا سنتمتع معها في القراءة والكتابة والبحث العميق. حتى مع طالباتها القديرات. تأخذ كتاب للمؤلف الأكثر استفزازًا للأوربيين والكاره لهم لتدرس حقيقة الحلم الأمريكي من خلال بطل كتاب مارك توين هكلبري فن. فتحلل الجوانب العديدة في الرواية من القصة والشخصيات والإثارة التي وقعت بعد نشر الرواية والمصطلحات التي تموت وتحيا عشرات المرات فيها. تناقش بكل دم في عروقها وبكل قطرة على جبينها. تزداد حرارةً كلما وجدت سرًا آخر تشاركهُ صديقتها ومحررتها الحقيقة فرح. ونتسائل بعد ذلك ماذا لو لم يخبرها الشاب بما كان يُفكر؟ فهل سَتخرج لنا آذر بهذهِ الدراسات الأدبية؟

تكتب في جمهورية الخيال عن الثقافة الأمريكية، والحلم الأمريكي وحقيقته ومتى ولدَا هذا الحلم. الذي جعل كل الكُتَّاب يكتبون بناءًا عليه. وجعلت المواطنين والسيَّاح يتناولن هذا الحلم ويجعلون أمريكا هي بلد تحقيق هذهِ الأحلام. وكما قلت الحلم الأمريكي الحقيقي الذي ولدَا خلفه العديد من الروايات والاشعار والقصائد وأفلام السينما. أمريكا بألوانها الصاخبة وحفلاتها وحلمها وثقافتها. وبكثافتها السكانية. وبالفعل هذا أكثر ما يميز آذر نفيسي إنها تكتب بعمقها الذي تقرأ به. يدرك عقلها القراءة والتحليل.

سامحني، قارئي لو سقطت مني نقاط كثيره قالتها آذر ولم أذكرها في التدوينة. نحن نحب آذر لأنها تربطنا بالروايات وعالم الأدبي بشكل قطعي كما قالت فيرجينا وولف «أن الرواية كنسيج العنكبوت، خيوطه دائمًا متصلة بعضها بالبعض الآخر بصورة مهلهلَة جدًا أغلقت الظن، إلا إنها مع ذلك مرتبطة دومًا بالحياة في كل زواياه الأربعة». وهذا حقًا ما تفعله فينا آذر كان من المفترض أن اقرأ كل الكتب الثلاثة التي تناقشت عنها لأجل المتعة والفهم أيضًا وحتى نعزز قيمة الشخصيات والقيمة الأدبية نفسها. كما استمتعت كثيرًا بقراءة كتاب أن تقرأ لوليتا في طهران لأنني سبق وقرأت لوليتا ثم بعد فصل لوليتا قرأت غاتسبي بسببها. وهذا اكثر شيء احبه في كتبها وشخصيتها إنه تدفعني لقراءة المزيد. وهذا فعلًا ما أحب. أحب الكاتب الذي يدفعني لقراءة المزيد من الكتب حتى لا يغادرني. ولا يجعلني قارئ عادي بسيط يقرأ الكتب ويغلقها. هي لا تحب هذا الشيء آذر. هي تشعر بالمسؤولية إتجاهك لهذا تعطيك المزيد من الكتب والمزيد من القيّم الأدبية.

ماذا يعني إذا كان المرء يحمل جنسيتين ويشهد ويطالب بالعدالة لكلا البلدين! يبدأ في البلد الثاني حياة جديدة وينظر لبلده بخوف الهلع والإنهيار. نشهد حياة آذر الجديدة مع الجنسية الأمريكية ولكنها تتلهف مع صديقتها فرح لتعرف آخر انتصارات وهزائم بلدها. إيران. تبحث عن عمق الحلم الأمريكي تفتش عنه في واشنطن دي سي وفي شخصية مارك توين في كتابه هك فن، وفي أوراق البحث وفي حديث صديقتها فرح. يحمل الكتاب أفكار كثيره ونشهد تطورات كثيره مع آذر سواء في شخصيتها أو في علاقتها أو حتى بلديها الإثنين.

رحلة مغامرات جمهورية الخيال كانت ممتعة جدًا وسعيدة بلقاء آذر مرة ثانيه ودائمًا سأكون سعيدة أكثر حينما أقرأ لها المزيد لكن العلّة التي كانت تمتلئ بهذا الكتاب هي أن آذر على قدر ما جعلتنا نستمتع بقوة أفكارها وحضورها وشخصيتها وصوتها العالي إلا كانت هناك فكرة فارغة تدور حولها وهي ماذا تريد بالضبط؟ في الفصل الأول انتهت من دراسة الكتاب الأول وانا لم أكن أعي إنني حقًا وصلت للنهاية! وشعرت بالغضب الشديد لأنني شككت بنفسي إنني لم أقرأ بشكلٍ كافِ! وتأزمت وقلقت فعلًا. لأن هناك أربعة كتب تنتظرني وأنا لم أشعر إنني قرأت حقًا! فهل ستكون لي عودة في المستقبل بعد قرأت الكتب التي درستها؟ لا اعلم حقًا إنما علمها مع الله. وكما قلت في بداية التدوينة لا تقع في خطائي! ثم تصل إلى نهاية الكتاب وأنت لم تفهم شيء. فهمت. لكن ليس بالقدر الذي كانت تتمناه آذر لي. رائعة ومذهلة فعلًا. وتعرف تفكك الروايات بأسلوب شيّق. عملية وقارئة مميزة تتدلى سيجارتها على فمها وأنا ادقق بين سطور كلماتها في بحوثها الورقية. تُثيرها الكلمة وتنثر ربيع عقلها في كتبها. رائعة آذر كما كانت في «أن تقرأ لوليتا في طهران». لكن لو كان هناك سؤال ما المفضل أو الأقرب لقلبي لكان أن تقرأ لوليتا في طهران هو الأقرب لصدري وعقلي.

جمهورية الخيال كانت رائعة بأفكارها وحضورها وقوتها حتى في مجموعة كتبي. لكنها لم تكن الأقرب لقلبي، اسمتعت بالقراءة والكتابة والدراسة مثلها لكنها تفقد سحرها الذي كان مليء في أن تقرأ لوليتا في طهران ولا ادري ما هي النقطة التي اختفت فيه أو تآكلت في هذا الجزء. فقد كان حضورها قوي لكن بعكس تلك التي تحكي عن لوليتا. تحدثت عن النقاط التي ذكرتها في لوليتا. والتي كانت عن إيران وطهران بوجه الخصوص. والأفكار الشيوعية والخميني وطالباتها التي يحببنها. وسهرها ومطالعة الكتب الممنوعة. كانت أدوات آذر موجودة لكن يفتقد السحر الخاص بها. وعجزت حقًا عن إيجاده. لعل قارئي البارع يجد ذلك ويخبرني عبر تطبيق إكس 💌.

في كل مرحلة عمرية أو فكرية تجد ذلك الشخص الذي قد يقوم باستفزازك نحو فكر أو فعل معين مثلًا كقراءة الروايات. شددّت آذر على هذهِ الفكرة من قبل في «أن تقرأ لوليتا في طهران» وها هي الان تشهد ذلك مجددًا عبر صديق لها قائلًا : الروايات والقصص كلام خيالي كلام خيالي لا تغني ولا تسمن من جوع.

ومن المؤكد إننا فعلًا نعيش هذهِ اللحظات على الواقع! وانا كذلك اشهدها في أي تطبيق تواصل اجتماعي أجد ذلك التعليق بنفس الفكرة لكن بصورة مغلفة بالسطحية. الروايات لا تجدي منفعة فلماذا تقرأينها؟. والمشكلة في ذلك إنني استعد لخوض حوارات عميقة مع صاحب التعليق الذي من الأصل من المفترض أن اتجاهله، أو اجيبه برد يُخرسه.

رغم إنني في دوافعي لا اتفق معها في العديد من الأفكار التي طرحتها إلا إنني اسعد جدًا بطريقة أسلوبها في الكتابة وفي أفكارها النقيّة عن الأدب، لا أدري كيف تفكر آذر أظن إنها تختلف في تفكيرها عن القارئ البسيط والعادي والذي أنا شخصيًا ارفضه وهذا ما احببته بها لأنها جعلتني اتذكر إن القارئ لا يجب أن يكون قارئ عادي. وإنه من العار حينما تقرأ مناهج آذر الدراسية ولا تتأثر قراءتك بعدها. يا له من وسم العار.

إنَّ أكثر ما تسبب في تجميع الماء في داخل عيني هو حينما اخذت بجهاز (الآيباد) وأوراقي وكتابي ودفتر ملاحظاتي الصغير بلونهِ الأصفر ورسمة الفتاة مع صديقها الدب. وعدلت عباءتي ونقابي الأسود وخرجت من قاعة آذر مودعتها وطالبة في صدري لقاء آخر وأن لا تبخل علينا أبدًا في محاضراتها البليغة عن الأدب والقراءة واضطهاد طهران والحلم الأمريكي. وفلاديمير الروسي.

المعرفة ليست مجرد ترف ؛ إنها ضرورة.

كنتُ أعزف على البيانو، وأستمع للموسيقى الكلاسيكية، وأقرأ الروايات الفيكتورية، وأشعر أنني خارج المكان.

لولا خوفي من فقدان عادة القراءة لما أحببتُها.

إنَّ ما يدفعنا لقراءة الرواية هو الحب والشرف والشفقة والكبرياء والحنان والتضحية.

نحتاج إلى الأدب القصصي اليوم فإن هذا لا يعود إلى حاجتنا للهرب من الواقع لأننا نحتاج إلى الرجوع إليه بعيون عادت إليها الحيوية والنشاط، أو، كما وصفها تولستوي، «عيون مغسولة ونظيفة».

أرغب بكتابة الكثير من الاقتباسات لكنني أقدَّر وقتك الثمين يا قارئي، لذا نتركها لحين كتابة تدوينات أخرى. التقى بك على خير إن شاء الله.

التقييم النهائي : ٨ من أصل ١٠ 🇺🇸. 

تعليقات

المشاركات الشائعة