هل يستحق الإضطراب النفسي، مليون ين؟

في أوآخر أيام شهر رمضان المبارك يبدأ جسمك يعتاد على الاستيقاظ صباحًا ويزداد النشاط ويقل ليلًا — بتملل شديد اتقلّب على السرير صائمة والنوم كلما أغمضت عيني هرب بعيدًا عني. الغرفة باردة ومظلمة لماذا لم تنام عيني. فلا قلق يبعث برأسي ولا شيء يزعجني! "الحمدلله" .. فأخذتُ أتقلّب إلى أن فكرت أن افتح قناة سلطان "سول" واتابع حلقة كنت ارغب بمتابعتها من وقتٍ طويل..

فتحت جهازي "الآيباد" وضغطت على موقع يوتيوب في نافذة سفاري وإلا اتفاجأ بظهور صورة مصغرة للمقطع أمام وجهي وفي صفحتي الرئيسية، فشكرت يوتيوب لسرعة الأداء وسماع أفكاري. شغلت الحلقة وخلعت نظارتي الطبيّة التي لا أرى شيئًا تمامًا بعد خلعي إياها — فكان الهدف الاستماع دون المشاهدة حتى أغطّ سريعًا في النوم وكأنني استخدم هذا اليوتيوبر كمهدئ أو كاقص للقصص في موعد النوم.

بعد خلعي للنظارة بقيت أطلُ على الشاشة مُنخفضة الإضاءة بنصف عين، لكنني فجأة أجدني مشدودة بقوة مع أُذنّي لهذهِ القصة!رغم أن عينايّ مُغلقة بسكينة.. تسألت كثيرًا أثناء سماعي لها ولم أتوقف حتى بدون مشاهدتي للمقاطع الذي يضعها عن الضحيّة. فكانت القصة تتحدث عن شخص ياباني الجنسية شارك في مسابقة ثم تجاوز مرحلة الاختبار أو شيء مثل ذلك ثم تأهل للمرحلة الثانية للفوز بجائزة المليون ين. قصة جيدة لكن الأحداث مروّعة! ويدفعني عقلي لهذا التساؤل؛ ماهو الدافع الذي يدفع الإنسان لفعل شيء مثل ذلك؟

أعلم قارئي ستقول إنها مُسابقة عادّية لا مشكلة! إنها ليست كذلك أبدًا، فقد تجاوزوا حدود الإنسانية مع هذا الإنسان بشكل مروّع يخيف المرء ويثير الاشمئزاز من عقل الإنسان! بدايةً من حبسهِ في غرفة ضيّقة إلى تجريدّة من ثيابهِ إلى بث مايفعله على مدار ٢٤ ساعة متواصلة أمام الملاء عاريًا! فتخيّل حجم إدراك ذلك الموقف! بعيدًا عن نقطة إنهم قاموا بحبسهِ دون رؤية أيّ أحد أو حتى تناول الطعام والشراب أو حتى مقابلة الآخرين! وكأنه تحت اختبار تجربّة مجرّدة من الإنسانيّة والأخلاقيات.

فهذا ما يدّور في خلقي.. لم يكن يعلم بهذا البث المباشر! وإنه يتجول عاريًا أمام ١٧ مليون مشاهد! وإنه بدأ يضطرب من الجلوس وحيدًا دون الأكل والشرب ويربح جوائز لا قيمة لها في هذا المربع الصغير! وإنه مفضوح بما يفعله سواء كان خير أم شر! مالذي يدفع الإنسان لفعل شيء مثل هكذا؟

ربما يكون جوابك إنَّ هناك العديد من الناس لديهم الرغبة في فعل شيء مثل هذا أو أنَّ المحتويات فعلًا تغيرت وبدأت تضطرب - لا أعراضك أبدًا لكن لشخص لا يعلم عن أتفاقية هذا البرنامج الاستغلالي الغير إنساني بطاقم عمل متجرد من الرحمة! بعرضهِ بهذهِ الطريقة مع العلم إنهم قاموا بالاتفاق معهِ على تصوير جميع المشاهد ومعالجتها إنتاجيًا ثم عرضها كحلقات أسبوعية. وهذا يعني انتهاك لحقوق الإنسان والكذب عليه مقابل الربح المادي والاعتداء المعنوي لهذا الإنسان.

فجأةً قلت لربما إنه ليس بمسكين أو حالةً يجب التعاطف معه، لأنه من الأساس هو من وافق على هذهِ الاتفاقية.. لكن في المشهد الأخير حينما بدأ التلاعب بهِ ومحاولة مطاولة هذهِ المسابقة رغم نجاحة بثلاثة مرات ونقلهِ أكثر من مرة لأنه بدأ يُصبح محبوبًا لدى الجمهور، اصابهُ الاكتئاب والاضطرابات واضطراب مابعد الصدمة - لأنهم قاموا بوضعهِ أمام الجمهور عاريًا دون إدراكه بحضورهم أو حتى معرفة إنه اصبح شخصًا مشهورًا، فملامحهِ كانت تبرز الخوف والصدمة والقلق!

كل هذا العذاب مقابل مليون ين.. هل يستحق الاضطراب النفسي، مليون ين؟

ثم تحوّل عقلي الذي لم يكن هناك قلق يبعث بهِ إلى تساؤلات متراكمة. 

لن تصل للمليون إلا بالجنون!

تعليقات

المشاركات الشائعة