لا تتوقع الكثير من أغلفة الكتب.
تقييم ومراجعة كتاب راديو الهوة للكاتبة الألمانية أولا لينتسى عن ترجمة: ياسمين يحيى
هذا من اختيار السيدة ماما مرة أخرى. وأنا بالفعل أكون سعيدة حينما ماما تقوم بإختيار كتبي فجأةً وأنا اجلس ثانيةً ركبتي واقرأ عناوين الكتب إلا ماما تقوم بجمع العديد من الأغلفة التي تروق لها وتقدمها لي. وكان راديو الهواة واحدًا منهما.
سبب حماستي لهذا الكتاب هو إنه يحمل عنوانه بلغته الأم Der Empfänger وبلا أيّ بحث عنه أو قراءة النص للغلاف الخلفي أخذته دون تفكير من يد ماما وقلت أرغب بهذا. لأنه فقط الماني، ولأنني أدرس اللغة الألمانية حاليًا ولكن من المؤسف إنه لا يرتبط بشدة باللغة أكثر من الأحداث. فمن خلال صورة الغلاف تخيّلت إنها ستكون رواية عن علاقة رومانسية أو مشاكل بين مجموعات مختلفة من الناس، أو على الأقل شيء يشبه مسلسل بيكي بلاندرز، لا أدري لماذا ارتبط الغلاف بهذه الصورة في عقلي وتخميني الأخير هو غرفة الدعارة. كل هذا من خلال الغلاف فقط.
ومع الأسف ولا أيّ من تخميناتي وقعت صحيحة، بل القصة هي عن شخص استغلته شبكة تجسس نازية في نيويورك أثناء الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا وأمريكا الحرب التي قامت بينهما وقبل دخول الولايات المتحدة — وهذ الشخص كان هاوي للراديو ليتواصل مع العالم ويكتشف ثقافات مختلفة عبر هذا الراديو، ثم يقع بالغرام مع صوت شابة تتحدث معه فتأخذهم هذهِ الرحلة إلى اللقاء الأول. فتكون مدينتهما الأولى هي نيويورك رغم إنهما الاثنين ألمانيين الجنسية.
تركز الرواية على النظام النازي التجسسي الذي تم تنظيمه خلال الحرب العالمية الثانية، فكل الألمانيين الذين كانوا يعيشيون في أمريكا تورطوا في هذهِ الشبكة.
آه حماسي يقل أكثر كلما تقدمت أكثر في قراءة المزيد.. وهذا يسبّب لي إحبّاط بالفعل. هناك سببًا وهو الكتابة ضعيفة جدًا والسرد مشوش، حتى ولو كانت تتحدث عن أحداث حقيقة فالتلاعب بين التواريخ كان متعب جدًا وغير مفهموم يعني فجأة أجدني في فبراير ١٩٣٩ ثم فجأة تُعيدنا الكاتبة إلى ما قبل هذا التاريخ.. فهذا شوش عليّ سير قرائتي بالفعل! يعني لو كان القارئ جاهل بالتواريخ التي وقعت فيها هذهِ الأحداث فهل هذا يعني إنه لن يفهم القصة؟ لا أظنّ التواريخ مهمة لتلك الدرجة لأنها أثرّت عليَّ سلبًا في السرد.
أعجز عن ربط مشاعري مع الشخصيات حتى شخصية "يوف أو جو" الشخصية الأساسية، فكانت الكتابة رتيبة بأسلوب تلقيني خالية من التعابير الإبداعية أو حتى الانفعالية أو حتى المشاعر الصادقة، شعرت بأنَّ الكاتبة غاضبة جدًا فكتبت هذه الرواية بلا مشاعر. كل رواية قرأتها سابقًا أرتبط مع أيّ شخصية قد تؤثر فيني بسبب كتابة الكاتب، ولكن “لينتسى” لم تجيد كتابة الشخصيات ليرتبطون مع القارئ. وكأنها تُعبر بصراحة إنَّ القارئ لا يهمها المهم في ذلك أن تكتب.
وتذكير بسيط قارئي العزيز، إذ قرأت تدوينتي عن فرناندو بيسوا ستجد إنني انبهرت وشعرت بالأسى حينما كتب عن الشخصية النسائية “الفتاة الحدباء” كتبها بكامل معانيها النسائيّة وتصويره على أعاقتها وحالتها النفسية. فهذا النوع من الكتابة التي تثير الخنق في صدري على عكس كتابة لينتسى حتى لو كانت الأحداث حقيقة، فالأحداث الحقيقة هي الأشد تاثيرًا وتعقيدًا وأقوى في المشاعر. لماذا عجزت عن تعبير الشخصيات لأنفسهم؟
كان من المفترض أن تكون الرواية أفضل من هذهِ النتيجة بكثير. لأن القصة نفسها رائعة مع فكرة نظام التجسس النازي والأحداث جيدة، لكن الكتابة ليست كما توقعت أبدًا! لا اعرف أن كنت اظلم الكاتبة في كتابتها أو من الترجمةِ نفسها! فلا أظن إنها من الترجمة بل النص الأصلي - النص الأم هو سيء الجودة.
تمتين أن تتعمق الكاتبة بشكل أكبر في موضوع نظام التجسس النازي، فالمعلومات التي كتبتها لم تكن كافية لتخدم القصة بشكل قوي.
أشعر بالأسى حقًا لأن هذهِ أول تجربة قراءة للأدب الألماني وكان سيء جدًا ولم أشعر بالفعل أنني قرأت الكتاب بأهتمام كافي وبالطبع هذا أمر طبيعي مع الكتب التي لا تُعجبنا. وإنها ليست مشكلتي بأنّ "أولا" لم تكتب كتابًا سياسيًا جيدًا.
ولا أقول إنني لم استمتع بالقراءة بالفعل، بلَ استمتعت، فعل القراءة لوحده مثير حتى ولو كان الكتاب نوعًا ما سيء، فأنا محظوظة بالقراءة وفعلها.
من الحماقة أن نشعر بالسوء لأننا فقط نقرأ كتاب سيء.
يمكن قياس ثروة الإنسان عن طريق معرفة عدد الأشياء التي يمكنه القيام بها دون أن تفقده روح الدعابة.
هذا هو عالمي، حتى لو كنت لا أملك قرشًا واحدًا بمحفظتي، لكن جيوبي تمتلئ بالأحلام.
التقييم النهائي : ٤ من أصل ١٠ — أربعة للغلاف فقط وللجنسية 🇩🇪.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركني رأيك، لأنه يهمني.. الخانة مفتوحة لبحر كلماتك 💌