جنة القارئ؛ الانغماس في الحديث عن القراءة — مناقشة

 تقييم ومراجعة كتاب داخل المكتبة .. خارج العالم نصوصٌ عالمية حول القراءة تقديم: أ. د. سعد البازعي، اختيار وترجمة: راضي النماصي عن دار أثر 


ألذ متعة يتلاقها القارئ هي الحديث عن القراءة والكتابة والنقاشات المطروحة في الرواية، اشتريت هذا الكتاب في سنة ٢٠٢٢ وكنت اخفيه خلف دفاتر جديدة وبقى هناك مدة طويلة وكلما فكرت في قراءته أجدني ابحث عن كتب أخرى، فلحظات الاستعداد للقراءة تظهر حينما تكون ناضجًا كفاية لقراءة نوع من الكتب، ولاحظت هذا الأمر في مسيرة قراءتي بأكملها لو لم أكن ناضجة في كفاية في القراءة لما اتخذت خطوةً في قراءة ١٩٨٤، التحدي الكبير في مسيرتي الأدبية. وها أنا أستعد لقراءة هذا الكتاب وقراءة أفكار فطالحة الأدب عن القراءة والكتب، وقد أتعلم أشياء كثيرة جديدة فلهذا شعرت بأنني مستعدة للقراءة.

لأن راضي قارئ يدرك معنى لذة الحديث مطولًا بدون كلل عن الكتب سواء كانت في الشعر، الرواية، النثر. أيّ نوعًا من الأدب قام بتجميع هذهِ المقالات وترجمتها بترجمة إحترافية تمنيت جودتها في كتاب ١٩٨٤. وكتب عنوانها الأحمر داخل المكتبة خارج العالم، هي مقالات متعددة من تسعة كُتَّاب، يسردون نظرتهم الخاصة وخبرتهم الأدبية الطويلة في الكتابة والقراءة نظرًا لأهمية الأدب في حياة المرء وأهمية الثقافة وأهمية الاعتماد على الذات في البحث عن الأدب.

كل من كتب بأن هذا الكتاب ممل وسيء هو من المؤكد القارئ الساذج الذي قال عنه هيرمان هيسه في مقاله في هذا الكتاب، لا مشكلة باختلاف الاراء طبعًا لكن اجد هناك إثراء كبير في الكتاب حتى ولو اختلفوا الكُتَّاب بين مقالتين تتحدث بنفس المحور.

تناولت فرجينيا وولف الصفحات الأولى بعنوان كيف نقرأ كتابًا كما يجب؟ — كانت هذهِ أفضل المقالات بين المقالات المتبقية، بسبب صراحة وولف في الكتابة وطريقة سردها الموضوعي، تحدثت عن القراءة ورتبت الأعمال الأدبية الرائعة التي تستحق القراءة ضمن كتابتها من مفهوم كيف نقرأ الكتب، وكانت مذهلة فعلًا وقالت أنَّ الكتب السيئة تكون أحيانًا جيدة لأنها قد تكشف جوانب كثيرة من أنفسنا. تمامًا مثلما شعرت، الكتب السيئة تقدم لك فرصة لرؤية جوانب شخصية مختلفة وأيضًا تعطيك القدرة على تمييز الكتاب الجيد والكتاب السيء. فربما نستنتج أنَّ الأدب هو فن معقد للغاية، وأننا لن نستطيع، حتى لو قرأنا طوال حياتنا، أن نسهم ولو بشكل بسيط في نقده.

قراءة الرواية فن صعب ومعقد جدًا. لا يجب أن تحوي قدرًا كبيرًا من الإدراك فقط، بل خيالًا جموحًا وجريئًا، إن كنت تنوي الاستفادة بالكامل مما يعطيك ذلك الفنان العظيم، والذي يدعى بالروائي.

ينكشف الجانب الآخر من العقل أثناء القراءة، أيّ الجانب المظلم الذي يطفو أثناء العزلة، وليس ذلك الذي يظهر في وجود الأصحاب. في تلك اللحظات، لا تقوى علاقاتنا مع الناس من حولنا، بل مع الطبيعة والقدر أكثر.

إنهم يحبون القراءة، وهذا أعظم النعيم.

ثم ننتقل لمنافع القراءة للكاتب رديارد كيبلينغ، لم اقرأ له أي عمل من قبل لكن المقال كان جيد ويفتح عينيك على أهمية قراءة روائع الأدب والقراءة بشكل خاص. وتحدث بنقطة مهمة جدًا قد قرأتها في كتاب ١٩٨٤ وهي أن الكلمات التي تصف الأفكار تتغير على الدوام، بينما الأفكار ذاتها لا تتغير أو تتجدد بالوتيرة نفسها. هذا ما كتبه كيبلينغ وهذا ما عبروا به الأحزاب السياسية كلما قلّت حجم الكلمات والتعبير قل نطاق الوعي — الكلمات والقراءة والتعبير والكتابة جزء كبير من الثقافة والوعي والنطاق الاجتماعي وبهذا نفهم أهمية قراءة الكتب خصوصًا الكلاسيكيات بعيدًا عن الكلاسيكيات الحديثة، يقصد كيبلينغ مثل مرتفعات وزذينج المملة أو حتى ١٩٨٤ التي تتشبع لغويًا بالكلمات والوصف والتعبير بعيدًا عن القصة أو الحبكة. ثم شدد على الفكرة الرئيسة وهي أهمية القراءة وأنها تنجي المرء من الأزمات الوجدانية أو حتى قد تنجيه من الانجراف في أوقات السأم الطويلة. وشخصيًا أفضل الأزمات الوجدانية على الانجراف. كانت مقالة جيدة ومتماسكة وثرّية لكن كانت هناك الكثير من الأفكار التي جعلتني أشك بأني اقرأ عدة مقالات في مقالة واحدة. 

إنَّ القراءة في حد ذاتها عملٌ مقدس.

يخلق نصف ما كتب في الأدب أماكن لم توجد على الخارطة، ويقوم الباقي منه بتسجيل أي عقبة ترميها الأقدار أو الحياة أو الظروف بين وقت وآخر، والتي سبق أن رمتها على شخص شقي أو سعيد، وطريقة تصرفه حيالها.

ثم تنتقل بنا الصفحات لـهنري ميللر كاتب آذر نفيسي المفضل بعنوان أن أقرأ أو لا أقرأ، يسلط ميللر الضوء على فكرة تلخيص الكتب بطريقة ذكية هي باعتبارها فن عظيم كما تقوم به قناة أخضر المميزة وبعض من تدويناتي. ويتناقش بفكرة القراءة نفسها للمرء أعظم فائدة يجنيها المرء من القراءة هي رغبته الصادقة في التواصل مع أشخاصٍ غيره. ويجب على القراءة أن تحفزك على الكتابة والتعبير كما لاحظنا في توصية كيبلينغ، عن أهمية الكتابة والحصول على قدر كافي من المفردات لتحسين التعبير. ثم استهلّ لا أرى معنى للقراءة إن كانت الكتب لا تقدم سوى إضافة إلى مخزون الفرد العلمي أو تحسين ثقافته. فالمقصود بقوله أننا دائمًا نأمل حينما نبحث عن الكتب نجد ما يشبهنا ويماثلنا تمامًا يعيش مآسٍ وأفراحًا لا طاقة لنا بها، ويحلم بأشياء تجعل حياتنا أكثر انفتاحًا. يعني لا تجعل الكتب مصدر للثقافة والمفردات فقط، خض تجارب عميقة في الكتب مع رحلات عديدة مع أصدقاء آخرين، لأنها حتى بعد فوائدها المتعددة هناك متعة رهيبة.

يكون البحث عن كتابٍ ما أكثر إثراءً لأرواحنا من الكتاب ذاته.

بعد صخب ميللر عن الكتب العادية نتنقل إلى موضوع أكبر حول قراءة الكتب لـهيرمان هيسه، على رغم رفض هيئه للتصنيفات إلا أنه قام بتنصيف القراء بثلاثة أو ثلاثة مراحل للقارئ مثل القارئ الساذج الذي يستهلك القراءة مثل الطعام فهو يأكل ويشرب حتى يشبع، هو مجرد متلق، أينما يقود الكتاب تجد القارئ يتبعه. تجده يأخذ الفكرة المطروحة للنقاش ويتقبلها وكأنها أمر واقع. ولكن الفكرة هي اعتبار واحد لا أكثر! ومن هذا النوع من القرّاء يندرج تحته تصنيف آخر وهم مُحبين الأدب الجَمَالي الذي لا يركزون على ما يحتويه الكتاب بل يضعون الكتاب وجماليات الكتاب في منظور واحد. فهم يستمتعون بتمجيد الكاتب، ويرون طريقهم مطابقًا لطريقته في الحياة، ويقبلون تفسيرات الكاتب لشخصيّاته دون تحفظ. لأنهم يأخذون شخصية الكاتب لا مؤلفاته على أنها آخر قيمة في الكتابة وأعلاها. يعني بدلًا من قراءة الكتاب ومناقشته يفضل هذا النوع من القرّاء أن يتوجهه للكاتب نفسه، وطبعًا هذهِ فكرة من منظور هيسه رغم إنها جزء منها حقيقي. ثم ينتقل النوع الثاني من القرّاء هم ببساطة أن ترتكز متعتهم على رؤية ما كتبه الشاعر بل على رؤية الشاعر محاطًا بما كتبه. هذا النوع قناص يبحث عن صيده. ثم النوع الثالث والذي يظهر بأنه قارئ جيد لأنه متعلق بذاته أكثر من أي شيء آخر، وعن يواجه قضية القراءة بحريةٍ كاملة. فهو لا يتطلع إلى تثقيف من قبل الكتاب أو تعليم، بل يستخدم الكتاب كما يستخدم أي شيء آخر في هذا العالم،كمجرد نقطة انطلاق وتحفيز. لا يختلف الأمر بالنسبة إليه حينما يقرأ أيّ كتاب.

لا يقف الأمر على ذلك بل نحنُ أحيانًا نكون واحدًا لكل نوع طرحه هيسه والدافع خلف ذلك هو الكتاب نفسه أو أحيانًا أمزجتنا التي تختلف وتمر في تيارات مختلفة أثناء القراءة لا يعني بالضرورة إنها حقيقية أو مصدر قوي هي مجرد أفكار تحت تصنيفات.

ستخرج من النص بجزءٍ صغير وأنت تظن أنك احتويته كله، وستؤمن بما فسرت وأنت بالكاد تلمس سطح النصوص.

ثم نمر على كاتب لوليتا العظيم فلاديمير نابوكوف بمحاضرة عنونتها القرّاء الجيدون والكُتَّاب الجيدون، يخبرنا نابوكوف عن الحكم النهائي للكتاب، على القارئ أن لا يدفع نفسه بهذه الطريقة في اصدار حكمه النهائي على الكتب، أعطه فرصة واستكشف أغوار الكتاب الواضحة بحب وأحيانًا إذا بدأ القارئ وفي باله حكم مسبق، سيبدأ بالنهاية الخاطئة وسيهرب من الكتاب قبل أن يفهمه حتى. هذهِ مع فكرة التقديم المتكرر بالنسبة لي. على الكاتب أن يكون عظيمًا في كتابته أن يسافر بك لعوالم اخرى بينما انت تقف في مكانك تشعر بالماء تلامس جسدك، يدخلك في غابة وهناك توت صالحًا للأكل، وأن يجعل الضباب عبارة عن جبل وهذا الجبل يجب أن يُحتل ليصعد هذا الكاتب العظيم في منحدر ذلك الجبل غير المطروق. لأن القارئ سيتواجه مع الكاتب السعيد الذي صعد معه الجبل ويتنفس بصعوبة وبكل عفوية سيتعانقان ويرتبطان إلى الأبد، إذا قُدر للكتاب أن يخلد. في هذه النقطة ينبه فلاديمير على قوة الكاتب الخياليّة الخلاّقة الإبداعية، عليه أن يتجدد ويأخذ القارئ في رحلةً معه لا تجعله يشعر بحقيقة الواقع، انقله بجسده وروحه وعقله لعالمك الخاص بالرواية، لأنه هذا الكاتب العظيم بنظر فلاديمير.

وماذا عن القارئ العظيم؟ ببساطة هو الذي يعيد قراءة الكتب، لأن العمل الجسماني للقراءة معقد والعين التي تتحرك بمشقة يمينًا وشمالًا سطرًا أثر سطرًا. العمود الفقري والجلسة المتعبة والأعين المحسوسة، على كل هذهِ الألم الشيء الوحيد الذي يُقدر فن القراءة هو العقل.وإعادة القراءة يعني تقدير القارئ الفني للكتاب.

يجب أن يكون العقل، الدماغ، ماهو أعلى العمود الفقري، الأداة الوحيدة التي نتعامل بها مع الكتاب.

الأدب عبارة عن ابتكار، والكتابة القصصية تنبع من الخيال وحده.

أن نرى القارئ المميز، فهو لا يقرأ الكتابه بقلبه، ولا بدماغه، بل بعمودهِ الفقري.

ثم نتنقل سريعًا لمقالة لماذا نقرأ الأدب؟ لـماريو بارغاس يوسا الذي كتب حفلة التيس "لم اقرأه بعد وأتمنى ذلك" تناول الفروقات الاجتماعية التي تميز قراءة النساء للأدب على الرجال بحجة إنهم لا يملكون وقتًا كافيًا، عبّر يوسا عن غضبه لهذا الأمر واستعرض مرادف ممارسة القراءة، ماذا لو لم يقرأ الرجل؟ ماذا لو لم يقرأ المرء؟ ماذا لو متجمع بأكمله لا يقرأ! شعر بالأسف للرجال الذي لا يقرأون ثم للملايين ممن يستطيعون القراءة لكنهم اختاروا تركها. لأنه مؤمنًا بفكرة أن مجتمعًا بلا أدب أو يرمى الأدب هو مجتمع همجي الروح ويخاطر بحريته. لم يتناول أهمية الأدب على النفس مثل بقية المقالات بل كانت هناك نطاق أوسع من تاثير القراءة النفس إلى المجتمع، لأن المجتمع الواعي سيتطور، سيتقدم، سيعي، سيدرك أهمية بناء مجتمع قارئ سواء للرجل أو المرأة. ثم بعد الأدب تأتي اللغة لتُسيطر بحكمتها على الأدب نفسه. لأنها التواصل الرئيسي في المجتمع ولا يتم تحسينها إلا بالأعمال الأدبية المكتوبة وقال لن تنتج أيّ إنسانية بلا قراءة ولا مصاحبة للأدب إلا هو ما أشبه بمجتمع صم وبكم وناقص الفهم، ويعود السبب لذلك لعلته اللغوية وسيعاني من مشاكل هائلة في التواصل نظرًا للغته البدائية. وهذا يقع أيضًا على مستوى الفرد، فالشخص الذي لا يقرأ، أو يقرأ قليلًا، أو يقرأ كتبًا سيئة، مع الوقت ستكون لديه عائق: ستجده يتحدث كثيرًا ولكن المفهوم قليل، لأن مفرداته ضعيفة في التعبير عن الذات. فماذا عن مجتمعًا؟

كانت هذهِ أفضل المقالات إطلاقًا خصوصًا بعدما تناقش الكاتب فكرة رواية ١٩٨٤ وأن أورويل كاتب سوداوي وقال إنه لم تتحق نبوءة ١٩٨٤ بعد.

أرجح هذه المقالة أكثر من المقالات المتبقية.

صحيح أن قراءة الأدب مصدر للمتعة، ولكنه أيضًا مصدر لمعرفة أنفسنا وتكويننا عبر أفعالنا وأحلامنا وما نخاف منه بكل عيوبنا ونقائصنا، سواء كنا بمفردنا أو في خضم الجماعة، وسواء كانت تلك الملاحظات تبدو ظاهرة للعيان أو تقبع في أكثر تجاويف الوعي سرّية.

ومن ثمَّ يأخذنا راضي للكاتب الأخر جوزيف برودسكي بعنونة كيف تقرأ كتابًا؟

الكتب بشكل عام أكثر خلودًا منا. الكتب مهمة والقراءة أيضًا مهمة لكن كيف تقرأ كتابًا؟.. هل تقرأ أيّ كتاب يوضع بين يديك دون وعيك لتميز الكتاب الجيد من الكتاب السيء؟ خفف جوزيف رحلة القارئ في تحسين ذائقته الأدبية وقام بالتعبير عنها إنها لا يحسن القارئ من ذائقته إلا عن طريق الشعر والنثر، قرأت الكتب القديمة، لأن الشعر ليس فقط اختصارًا وتكثيفًا لنقل التجربة البشرية أو حتى شكل الخطاب البشري الأرقى، هو يمنح أيضًا لأعلى المقاييس لأيّ عملية لغوية إبداعية، خصوصًا أن كانت قصيدة واحدة لا تتعدى في حجمها الورقة. وكلما أكثر أيّ شخصٍ من قراءة القصائد، أصبح أقل تسامحًا مع أي نوع من الإسهاب، سواءً كان ذلك الإسهاب في خطاب فلسفي أو سياسي أو في درسٍ حول التاريخ، أو الدراسات الاجتماعية أو حتى في السرديات.

فهذا يعني إذا أردت زيادة مفرداتك اللغوية وزيادة خلقك للكلمات عليك الاعتماد على الشعر ولأن جوزيف كاتبًا كريم قام بتوصية أسماء الشعراء من كل لغة، الإنجليزية والألمانية والفرنسية، البولندية، الروسية الإسبانية، اليونانية والكثير من الشعراء لحتى ٥٥ اسمًا، ومن بين تلك الأسماء ذكر فرناندو بيسوا من اللغة البرتغالية، ولأنني قرأت لبيسوا عرفت جودة التوصية من خلال هذهِ الأسماء. ولسعادة حظي، الأستاذ راضي قام بجمع كل أسماء الشعراء الذي وصى بهم جوزيف في الصفحة التالية.

مقال رائع فعلًا وأفادني كثيرًا.

هذا ملحق الأسماء بالترتيب عبر هذا الرابط 📮

أيًا كان من قال إن التفلسف هو تمرين للاحتضار فهو محق بأكثر من طريقة، إذ أن تأليف الكتب لا يجعل المؤلف شابًا، ولا يصغر القارئ أيضًا بمجرد قراءتها.

القصيدة تُعرف بسرعة ونوعية اللغة فيها تبين لك هويتها.

ثم ننتقل إلى نيل جايمان ليلقى كلمته في جمعية القراءة خلال الحفل، من وجهة نظري أرى بأن هذا المقال ينجرف لحصر ثقافة بريطانيا مع أدب الأطفال وقرّاه ولكن المفيد في ذلك هو شدد على أهمية وضرورة المكتبات في كل المجتمعات، على المرء أن يبحث عن المعلومات التي يرغب بمعرفتها، صحيح إنها قد يجدها بسهولة خلال محرك البحث «جوجل» لكن هل جربت أن تبحث عنها بشدة خلال الكتب؟ خلال قراءة العناوين، والبحث في داخل الصفحات للبحث عن معلومة واحدة.

لأبد من بناء مجتمع مثقف، أطفال مثقفين، وملاحظة مهمة للوالدين من نيل هو لا تختار الكتب بنفسك لتقدمها لطفلك، اجعله يختار ما يحب ويقرر ما يحب ويقرر ما الكتب التي يريد المزيد منها من تنصيف أدب الأطفال. لكني لاحظت أن لا مانع من طرح بعض التوصيات حتى استلامهم لقيادة اختياراتهم الخاصة. فالمناقشة جيدة أيضًا وتتطور أفكار الطفل وتواصله.

من خلال دراسة حديثة تفيد بأن إنجلترا هي البلد الوحيد الذي يحظى فيه كبار السن بقدرات لفظيّة وكمية أعلى من الأجيال الشابة. يعني مستقبلًا في إنجلترا ستكون هناك صعوبة للأطفال في حل مشاكلهم، سيكونون أقل إدراكًا ووعيًا بالعالم الذي يعيشون فيه، وأقل فهمًا من الجيل القديم، لأنه من السهل خداعهم والتحكم بهم.

وحتى لو إنّ هذه الدراسة تخص مجتمع إنجلترا فمن المهم أن نأخذ الهدف منها وهي القراءة للمجتمع والطفل والمرأة والرجل، للكبير والصغير. إنها عمل شاق لكنها مهمة، سواء للمتعة، أو للثقافة.

وذكر شيئًا مهمًا جدًا عن قراءة كتب الخيال العلمي، حينما ذهب جايمان لمؤتمر في الصين حول كتابة الخيال العلمي. تحدث مع إحدى المسؤولين عن سبب هذا المؤتمر، فكانت الإجابة الصادمة، أن الأمر بكل بساطة هو كون الصينيين متبعين لا مبدعين أو مطورين. ارسلوا مجموعة أسئلة للعديد من المطورين ومن ضمنهم شركة تقنية كبيرة مثل “آبل” عن أنفسهم، وكانت النتيجة هي إنهم كانوا يقرأون لكتب الخيال العلمي في صغرهم.

إنها مهمة جدًا لأنها تساعدك على الابتكار والخيال الإبداعي. كما قال آينشتاين إذا أردتم لأطفالكم أن يكونوا أذكياء، فاقروؤوا لهم حكايات خياليّة أكثر.

بالنهاية، نحن نحتاج إلى الكتب، وإلى المكتبات، ونحتاج إلى مواطنين مثقفين. سواءً كنت تقرأ الكتاب ملموسًا أو إلكترونيًا فأنا لا أهتم. ما يهمني المحتوى الذي تقرؤه ومدى نفعه.

يستحق ٨ من ١٠.

كل شيء يتغير عندما نبدأ بالقراءة.

وأخيرًا نصل إلى فن القراءة وحرفة الكتابة للكاتب ألبرتو مانغويل وكما قال راضي لا أظن أن القارئ العربي يجهله، لأنه هو من كتب يوميات القراءة، ذاكرة القراءة، تاريخ القراءة.. فيأخذنا مانغويل إلى عمره الصغير وفي نشأته وأول ارتباطه بعالم الكتب، وابتدأ هذه المشاركة بتوضيح الفرق بين القراءة والكتابة والتي تعود بشكل أساسي لشخصه.

شعرت بقرب شديد حينما انطلق معبر عن رحلته في الكتب وكأنهُ بالضبط يصف مشاعري حينما مسكت أول كتاب بين يدي في زواية المكتبة وقال أصبحت كتبي هي موطني الواقعي بشكلٍ أو بآخر. ثم بعد مرور رحلته أكد بأن تلك التجارب مع الكتب تعني لي أن هويتي الشخصية في هذا العالم هي كوني قارئًا. والمفاجأة هي أنه كان يقرأ الكتب بعمر الخامسة عشر للكاتب خورخي لويس بورخيس، محظوظ جدًا اغبطه على ذلك الامتياز. ومن خلال هذهِ التجربة والملازمة لخورخي، اكتشف جوانب أخرى للقراءة والكتابة وصنع الرواية وصنع النصوص، وقيمة الكاتب للقارئ وخدع كثيره تعلمها، فهي بمثابة بناء إضافي لشخصه في مجال أحبّه. وكان يقول عن خورخي كانت المكتبة التي داخل عقله هائلة جدًا.

وبالمناسبة اكتشفت شيئًا غريبًا جدًا وهو أن مارك توين كان يكره كتب جاين أوستن، وأظن حتى بورخيس يعتقد ذلك لأنه يقتبس مقولته؛ أحد الطرق الممتازة لبناء مكتبةٍ ما، هي ترك مؤلفات جاين أوستن.

بعد طرح عدة مواقف مذهلة حدثت مع خورخي، انهاء مشاركته من كتاب الكوميديا الإلهية التي وعدت نفسي بقراءتها، وعن أهمية الفن في حياتنا، سواء كانت أغنية أو قصيدة. هو بالنهاية فن.

البشر كونوا أداة مميزة للبقاء، وهي الخيال.

الكاتب لا يهرب من مصيره.

هناك طفيف من الاختلاف بين الكتاب كما قلت، ومن الممتع وهذا من الطبيعي لأن كل قارئ يصوب وجهة نظر مختلفة وحتى الكاتب كذلك. استمتعت جدًا بالقراءة خصوصًا الترجمة، كانت دقيقة وواضحة للغاية، ونقل راضي روح النص الأصلي دون البعثرة مما جعلني أُقدّر اللغة العربية بشكل أكبر. شكرًا جدًا لراضي على هذهِ التجربة الفريدة الثرّية التي جعلتني أعيش حياة أخرى من خلال تجارب الكُتَّاب وتركيزهم على أهمية القراءة والكتابة في حياة المرء.

أتمنى لكل شخص يقرأ هذا الكتاب، المراجعة كانت تلخيصًا جيدًا لكنها لا تكتفى عن قراءة الكتاب كاملًا. تستحق أن تعيش تجربة ثرّية بترجمة إبداعية.

التقييم النهائي : ١٠ من أصل ١٠ 🗺️.

تعليقات

المشاركات الشائعة