هذيان رشاد ونصوصه

تقييم ومراجعة كتاب للمؤلف والمترجم السعودي رشاد حسن وعن نشر دار تشكيل 

إلتقطتها قبل المحاضرة وأنا أركض 🐆

قراءات شهر ديسمبر الأسبوع الرابع والأخير — نصوص أدبية 📄

مسكين ابن آدم؛ مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقّة، تقتله الشَرْقة، وتنتِنهُ العِرقْة. ما لابن آدم والفخر! فأوله نطفة، وآخره جيفة، لا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه.

— علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أذكر في سنة ٢٠١٧، سقطت سقطة قوية على دار -تشكيل-، وكانت هي الخطوة الأولى التي دفعتني حينما قررت نشر كتابي، جمعت كل نصوصي وصممتها في برنامج مايكروسوفت وورد ورسلتها لهم عبر البريد الإلكتروني، وبعد أسابيع من الانتظار، وصلتني رسالة الرفض، فحاولت سبع مرات وقادت هذهِ المحاولات إلى ثمانية! وأتعرض للرفض. شعرت بالإحباط واليأس، لأنني كنت مشتوقّة أن يكون بكري الأولى معهم. وكنت قبل هذا الموقف قد طلبت كتب لمرات متعددة، وأحيانًا تكون من الإصدارات الأولى، فقد كانت كتبهم تصلني بسرعة فائقة، جعلتني أطلب أسبوعيًا إلى إن امتلأت مكتبتي من إصداراتهم، وبعد رسائل الرفض المتكررة ولأسباب لا تنطبق مع شروطهم، قررت عدم الشراء حتى لو كانت سرعة التوصيل مغرية جدًا، وأغلقت عن دار تشكيل من يأسي بشكل نهائي. لكنني أتذكر أسلوب رشاد حسن الملفت، الذي جعلني لا أنهي كتابه بسهولة واقرأه على بطيء شديد، ترَّحل معي الكتاب في رحلات متعددة بدايتها في مستشفى الملك خالد الجامعي في الانتظار مع والدتي برفقة كوب قهوة أمريكي وجريدة الجزيرة -هناك قصة أخرى عن هذهِ الصحيفة- وكتاب عبور لا ينمحي أثره. كَتَب رشاد بإمكانك قرأت الكتاب: في يومٍ واحد، أو في سنة كاملة. وأخذت بنصه هذا وعدت بعد سبعة سنين.

حسن، كاتب جيد وأسلوبه ملفت لكنه لا يملك أفكارًا كافية للكتابة. فكرة الكتاب هو نصوص قصيرة، لكن إذ قرأنا هذهِ النصوص سنضيَّع ونتوه من الدقيقة الأولى من قراءة النص. تذكرني بحماقة العطسة حينما تقترب لتعطس ولكنها فجأة تختفي، هذا ما شعرت به وانا أقرأ، أشعر بأنني أفهم ما يكتبه وما يعنيه لكنني فجأة لا أستوعب شيئًا مما قرأته! ولا أظن إنه متعمد ضيّاع القارئ بالفعل، لأنها نصوص مُبعثرة وأفكار مشتتة قد جمعها.

كلما تقدمت في العمر قلّت توقعاتي بشكل كبير، كان الكتاب يرسم لي صورة جذّابة وهو بين كتبي على مكتبي، فكنتُ أخاف قراءته لأنني قد أستهين به أو حتى أن لا يكون وقته المناسب. ونسيت تمامًا ذائقتي الصعبة التي من الممكن أن تنفرني من الكتاب.

يحشر رشاد، نصوصه المسكينة  في مربع كلمة "الأفكار" فيكتب عن أفكاره واسئلته بصوره متكررة لكن بأسلوب مختلف وهذا ما قصدته، إنه يملك أسلوب كتابي إبداعي لكنه لا يملك أفكارًا كفاية ليمارس الكتابة.

ينثر حسن، أفكاره المشَّتتة على هيئة نصوص مكتوبة، في أوراق غير مرتبة، فستأخذ منها ما يثيرك وتترك الغير مفهوم منها، مثلما تجالس طفلًا ثرثار فتصيَّد قصة صراخ والدته البارحة على الهاتف، ثم الحديث الذي يليه ليس له معنى تمامًا سوى الهذرة أو عفوًا الهذيان كما يحب أن يكتبها.

ولكنها أحيانًا تخرج بولادة لذيذة حتى في عسرّتها، فتخرج نقيّة واضحة تصل إلى دماغي وتتركني أسرح بعيدًا، مثل لا أحمّل الأمور على محمل الجد، يكفيني إذا أردت الاستمتاع بأمر ما، أن أستغرق فيه. لم يعِقني الفشل في مراتٍ عديدة، لقد كان محفّزًا لي على النهوض مرة أخرى، إنه نافع وحيوي، أسقط تارةً لأنهض بأعجوبة عقبها، كأنني في منافسة مع مُعضلاتي، ليس سهلًا أن يمنح الإنسان دائمًا، وليس من السهل أيضًا أن يفشل، إنّ ما يهمني هي العزيمة المتشبّثة بالمواصلة، تلك التي لا تنعطب لأن حاجزًا يقف بينها وبين رغباتها، ليس النجاح احتفالًا شائع الصيت، ولا سمة يجب على الجميع الانتباه لها، إنه إحساس من الداخل، يطوّقني كما تطوّق الأم طفلها، يعيه الناجح لوحده عنده رغبته التي يحققها، مهما كانت ضئيلة وصغيرة في حجمها، إلا أن لها إحساسًا يفوق التوقّع. — وللأسف اللذات الصغيرة التي يكتبها رشاد كانت قليلة جدًا وقد جمعتها بقوة لأظهر قوة كلماته على عكس أفكاره.

جزء مهم لأبد من ذكره تصميم الغلاف مذهل جدًا وجذّاب -خصوصًا الغلاف الأمامي- ✨

👇🏽

الغلاف الخلفي 

مؤمن أن تلك الأفكار الغريبة لا تجيء إلا عن طريق الهذر ثم تصبح عظيمة فيما بعد.

العين أوسع من الكلمة، والكلمة أقلّ من الإحساس.

لم أغّير المرآة بعد، ولا هيئتي، إنَّ الذي تغيّر هي نظرتي الخاصة، تجاه الصور التي إراها.

رفض المرء لاستخدام عقله، يجعله معقودًا بالآخرين.

ليسَ أسوأ من جاهل، إلا متعلّم معرفة لا يعرف عنها شيئًا.

آمنت بأنَّ الأفكار متجددة في أصلها دائمًا، وليس هناك فكرة خالدة طوال الوقت، ولن أتمكّن أبدًا من معرفة ماهية الأفكار، إذا لم أسمح لأيّ فكرة بأن تجدد نفسها.

الشّر موجود بجوار الخير دائمًا.

إنَّ أسهل ما يقوم به الإنسان في حياته هو الشر، إنه لا يتطلب إلى الدوافع التي يحتاج إليها عمل الخير، ‏فكل ما يحتاجه الشرير ليقع في الشر ‏هو أن يفعله، ‏ليس في عملية صعود حتى تصل إلى القمة، ‏كله انحدار في انحدار، ‏كل ما على المرء فعله أن يلقى بنفسهِ ‏ثم يجدها تتهاوى في آخر القاع، كالكذب، ‏الخيانة، ‏السفالة، والخديعة، إنها لا تحتاج ‏إلى مقاومة وجهد، ‏كل ما يجب القيام به هو الانحطاط، ‏لأنّ ‏التّعب في التسلّق، لا في النّزول.

هكذا أجري بالأيام وتجري بي، ألبسها وتلبسني، ولا أحد منا يعرف كيف بإمكانه أن يمنح الآخر بهجته.

فتلأشت الصداقة. لم نكن أصدقاء، كان شيئًا ما يجمعنا، ربّما المدرسة، الفصل، أو المنزل، وكنا من هنا، نظنها الصداقة.

لا حصانة أعظم من النيّة، إنها تحميني من التخاذل، وتؤازرني حتى الخاتمة.

أنَّ الإنسان الذي لا يعيد ترتيب فشله، بمحاولات لن يعرف معنى أن يكون مبتكرًا.

أنَّ المزيد من الأخطاء يجلب المزيد من الفرص المبتكرة.

الواقع يدفعني بقوة إلى الخيال.

قلبي لا لون له، وللألوان لون قلبي. إنني أشحّ قلبي أن يكون ممتلئًا، لأن فراغه يجعلني خائفًا، مذعورًا.

أحيا كما أعيش، لا كما يليق

 

— التقييم النهائي: ٤ من أصل أفكار 👣.

تعليقات

المشاركات الشائعة