ثقافتنا أم الكتب الغربية: أين تكمن القِيَم؟

تقييم ومراجعة كتاب Highlighted in yellow للمؤلفين الأمريكيين، H. Jackson Brown, Jr. and Rochelle Pennington — بنسخته الأصلية 

إلتقطتها بعدما انتهيت من مشاوير ماما الصباحيّة 🫴🏽

بعد عصف (سأكون هناك)، أردتُ تهدئة ذهني ومشاعري والتخلص منها ونفض كل ما أكلتّه وتجرعته، أردتُ أخذ لحظات طويلة لأصوم عن القراءة، ولكن لدي هدف وأريد تحقيقه، لذا أخترتُ كتابًا بسيطًا خفيفًا للغاية للقراءة اليومية، لا يُشعرني أنه معي طيلة اليوم فهذا كان الخيار الأنسب.

نعم، قلت إنني أرغب بقراءة شيءٍ خفيف لا يأخذ من وقتي ولا حتى من جهدي، لكنني لاحظت أنني أقوم بذلك (أي بالجهد) في ترجمتي للنصوص وبعض الاقتباسات. كيف يدفع الإنسان نفسه للشقاء حتى وهو يحاول البقاء في منطقة الراحة؟

يضمُّ الكتابُ عدة مواضيع ترتبط كلها بتطوير الذات، لكنه يعرضها بطريقة مختلفة عبر قصص حقيقية واقتباسات تلامس القارئ. ورغم أنه يندرج تحت تصنيف تطوير الذات، إلا أنه جيد، خصوصًا للفئة التي انتشر الكتاب بينها. لماذا قلت ذلك؟ لأننا نحن المسلمين لا نحتاج قراءته، فنحن نتعلم الأخلاق والمحبة والإحسان للآخرين والمودة إليهم والرحمة على الفقراء من ثقافتنا الإسلامية. نحن نكبر على هذه القيم وتتغلغل في داخلنا وحتى في ذرياتنا. ندرك أهمية دور الإنسان في مجتمعه، وتقديم المساعدة، ودعمهم، ومساندتهم، فلا نحتاج إلى كُتَّاب غربيين ليخبرونا بذلك، بينما نحنُ نتعلمه من ثقافتنا العربية والإسلامية. نحن أقرب لفهم ذلك منهم، في المودة والمساعدة والقول الرحيم. لقد تعلمناه من رسولنا الحبيب -عليه أفضل الصلاة والتسليم-، ومن القرآن الكريم. وهذه محاضرة عن الأخلاق الإسلامية من تقديم الإمام الشيخ ابن باز: رابط المحاضرة، ومن عنوان المحاضرة تظهر أهمية ثقافتنا.

صحيح أنَّ الكتاب يطرح مفاهيم تطوير الذات عبر قصص واقعية واقتباسات مؤثرة، لكنه – كغيره – لا يقدم جديدًا لمن تربوا في بيئة إسلامية تشبّعوا فيها بقيم الرحمة والتضامن. نحنُ لسنا بحاجة لمن يعلمنا كيف نتعاطف مع الآخرين؛ فثقافتنا غنيّة بذلك، وهي أولى بالقراءة من هذه الكتب. وقد تابعتُ حلقة للاستشاري خالد، تحدث فيها عن أن دمج الثقافة الغربية في القِيَم الإسلامية قد يولد صراعات داخلية. لذلك، لا بد للمسلم أن يتعمق في ثقافته الإسلامية والعربية أولًا، ثم يمكنه استيعاب ثقافات أخرى حتى لا تندمج الثقافات فتظهر أسسًا مختلطة. لهذا السبب، حرصتُ بشدة على أن يختار القارئ المسلم الكتب الإسلامية الدينية على الكتب الغربية، خصوصًا لو كانت في تزكية النفس "كما سماها الاستشاري خالد". أنصح بشدة بمتابعة هذه الحلقة لفهم النفس، مع توضيح شديد لدمج الثقافات خصوصًا مع الهوية العربية المسلمة. رابط الحلقة.

: ولأضيف شيئًا آخر، لقد قرأتُ سابقًا كتابًا لتحليل الشباب من إعداد الدكتور السعودي عبد الله عبد الغني الصيرفي، الذي قام بدراسة وتحليل وتدقيق مقياس السيكومترية الأمريكي، لتعريبه وتحويله إلى مقياس يناسب الثقافة الإسلامية والمجتمع السعودي. وذكر كيف أن الفريق المختص درس القِيَم العلمية من الثقافة الأمريكية ثم قام بتحويلها لتناسب الثقافة العربية الإسلامية وبيئتنا الاجتماعية. رابط المراجعة.

الثقافة مهمة جدًا، والقِيَم مهمة بقدر الثقافة، لكن كيف نتعلمها؟ هنا يجب أن نُركّز أكثر: نحرص على زرع القِيَم من بيئتنا، من مجتمعنا، من هويتنا، ومن ديننا الإسلامي الذي فطرنا عليه، والذي حرص على العطاء، والتعليم، والعفو، والإصلاح، والصفح.

— إضاءة💡: نصيحتي للقارئ المسلم، لا تتوقع الكثير من هذا الكتاب من أفكار ونصائح. لو أردت ذلك فعلًا، فاتخذ كتابًا إسلاميًا أفضل بعشرات المرات، لأنك ستجد فيه العمق الروحي والفكري؛ فاستثمر وقتك في كتب تراثنا، وثقافتنا، وهويتنا. أو القرآن الكريم وحده سيقوم بهذه المهمة. ولو رغبت في قراءته، فأنصحك بلغته الأصلية حتى تتمرن على اللغة والكتابة. هذا كان هدفي من البداية؛ فقد شعرتُ في وقت متأخر أنه كتاب تطوير الذات، لكنني فكرتُ في الجانب المشرق، وهو أنه بلغته الأصلية وقد أتعلم منه شيئًا جديدًا، مثل أن تلوح للأمهات اللاتي يعبرن طريق المشاة لمراقبة الأطفال.

وبالمناسبة، البديهيات في هذا الكتاب لا تنتهي! توقعت ولو توقع صغيّر إنني سأقوم بتحديد أفكارًا جيدة وقمت بفتح علبة أقلام تضليل جديدة لأخذ اللون الأصفر، لكن للأسف النص الوحيد الذي قمت بتضليله كانت "لا تسمح لصديقًا أن يحزن لوحده أبدًا". أكثر اقتباس أثّر فيني. أمَّ الكتاب كاملًا فكان لا يستحق. لا شيء مميز لا أصفر ولا أبيض.

دعوة للتأمل🕯️: كيف نعيد اكتشاف كنوز ثقافاتنا بدلًا عن البحث خارجها؟

Remember that your child’s character is like good soup. Both are homemade.

تذكر أن شخصية طفلك مثل الشوربة الجيدة، كليهما مصنوعة في المنزل.

— التقييم النهائي: ٢ من أصل ١٠ 📔.

تعليقات

المشاركات الشائعة