لوحتان في مدينة شماليّة بعيدة
من خوف في الليل إلى فنون وحقيقة!
في أحد فنادق مدينة -طريف- في شمال المملكة، ارتعدتُ من الخوف في الليل، وحينما أغلقتُ هاتفي أدركت السبب، فإذا عُرفَ السببُ بطلَ العَجَبُ. بدأتُ في تلاوة وترديد آية الكرسي مرارًا وتكرارًا حتى شعرتُ بالهدوء أخيرًا، تقلبتُ على السرير البارد بألمٍ شديد في أسفل بطني، وأخذتُ أهدأ نفسي ثم نظرتُ إلى الجدار الذي أمامي لأجد لوحةً فنيّة للفنان لقمان محمد ٢٠١٦ م. "مع التوقيع الشخصي". ما أدركتهُ من خلال اللوحة هي وجوه النساء ونصف أجسادهن، والنصف الآخر كأنهن يتحولن إلى حوريات في البحر، يخرجنَ إلى النور في اتجاه الضوء الأصفر في جهة اليمين. وخلف هذا التموج البحري، كانت هناك بنايات متراصة بعضها ببعض، وكأنهنّ يردن الخروج قسرًا في هذهِ التحفة الفنيّة. وتندمج النساء مع البنايات بصورةً إبداعية. لتظهر بتعبير جميل يدمج الأزرق الأبرز مع أطراف الأصفر. 👇🏽🧜🏾♀️
![]() |
لوحة الفنان لقمان محمد ٢٠١٦ م |
أم في الجدار المقابل، كانت هناك لوحةٌ أخرى، وهي فوق رأسي تحديدًا لأنها فوق السرير، وتحمل اللوحة الثانية إسم الفنان نفسه مع التوقيع، ولكن هذهِ اللوحة تختلف عن الأولى بالنساء لكنها لا تختلف بألوانها، فهي متراصة البنايات وتتموج ألوانها بين درجات البني والأزرق، وتضم جوانب مختلفة من الثقافات السعودية، مثل منطقة الحجاز، والكعبة المشرفة، ومنابر المسجد النبوي الشريف، وكأنها تحمل أسوار البلد. يتموج شعار أبيض طفيف في المنتصف ليفصل البنايات بطريقة ناعمة وانسيابيه، وتبرز الثقافات في البنايات ثم تختفي تدريجيًا لتندمج مع البنايات العادّية التي نراها في وقتنا الحاضر. 👇🏽🎨
![]() |
لوحة الفنان لقمان محمد ٢٠١٦ م 🕋 |
لقد كانت هذهِ رائعة ومذهلة، فعلى الأقل أنستني جرعة الخوف التي انتابتني فجأة، وجعلتني أسرح فيها في جوف الليل، استمتعتُ بمطالعتها بصمت الغرفة وهدوء الفندق، مع وجود "ضجيج" اللوحات التي تشع باللون الأزرق في ضوء أصفر خافت. وبرودة التكيّف ولم تكن جدارن الغرفة تحتوي على أيّ لوحات عداء هاتين اللوحتين في صمت مُلفت. وقد حصلت على انتباهي في أول لحظة دخولي للغرفة وقبل حتى أن أضع أغراضي لتبدأ في التجول.
حتى في ممرات الفندق، وجدتُ لوحات كبيرة بزخرفات إسلامية مغربية كثيرة وبارزة، وقد أذهلتني حقًا، أحببتُ فكرة وجود أعمال فنيّة في داخل الفندق بأسماء فنانين محددين مع علم إقامتك لمدة قصيرة، فعادةً ما تكون اللوحات عشوائية بدون أسماء فنيّة عليها، أو حتى أسلوب فنيّ خاص بها. فقد أقمت في عدة فنادق ولم أجد لوحة واحدة عليها إسم فنان. أو حتى تتركني أسرّح فيها لمدة طويلة مثلما فعلت لوحات لقمان محمد. 👇🏽🇲🇦
![]() |
في ممرات الفندق |
وحينما هممتُ بالخروج حاملة على كتفي شنطتيّ التي فيها إيبادي وكتاب معنى الحياة في العالم الحديث مع المقلمة والدفتر، وأجرّ شنطتي الثالثة على الأرض توقفتُ أمام لوحةً بيضاء أخرى بنفس الأسلوب، لكنها كانت معلمًا بسيطًا لقبة المسجد النبوي الشريف، وأمام الجدار مباشرةً لوحةً أخرى للكعبة الشريفة، فذهلت، ولكن سريعًا ما ساورتني الشكوك! حول تفاصيل هذه اللوحتين؟ .. لأنها كانت مرسومة بطريقة الذكاء الاصطناعي! لم تكن يدًا بشريةً من قامت بهذا العمل! لأن جودة الرسم رديئة جدًا وكأنها مطبوعة، شعرتُ بالإحباط، ووقفت أنا وحقائبي بكلل، إذً هل كانت اللوحات في الغرفة من صنع الذكاء الاصطناعي وقد دُوّن عليها إسم فنان أو (إسم المستخدم) ؟ ..
لكن الشبكة -الانترنت- محضر خير، بحثت عن الفنان ووجدتُ إنه إنسان حيّ "الحمدلله" لكن اللوحات التي في الممرات كانت فقط من صنع الذكاء الاصطناعي واللوحتين التي في الغرفة التي صارت من حسن حظي من عمل الفنان التشكيلي لقمان محمد. ووجدت أعماله التي تُشابه التي رأيتها، وسعدتُ فعلًا بحمل هذهِ الذكرى معي من أطراف الشمال.
ماشاءالله تبارك الله، شيء جميييل وررهيب إتقانك في الكلام وترتيب شرح لوحات الفنان التشكيلي ابهرني أسلوبك واعجابك بالرسومات وعطيتينا دافع لمعرفة دقة التفاصيل المختبئة في هذا اللوحات الجميلة في المنطقه الشمالية شكرًا جدًا لك على هذه المقاله الجمييله الله يحفظك ويرعاك 🤍
ردحذفحبيبة قلبي