النقد المتدفق خلف مسرحية حلاق إشبيلية

 تقييم ومراجعة مسرحية حلاق إشبيلية للمؤلف كارون دي بومارشيه ترجمة وتقديم زكي طليمات — إصدارات المجلس الكويتي 


لأبد ان اعترف ان المسرحيات الأدبية أخذت تنمو كبذرة صغيرة في مكتبتي واظن إنني قد احببتها واحببت قرائتها. وجدت نسخة جديدة منقحة في رفوف مكتبة أسواق التميمي التي دومًا تَنعُم عليَّ بهذهِ المجموعات الخفيّة التي لا أجدها في أي مكتبة ثانية. وسعيدة جدًا لأني وجدت آخر نسختين في الرف المتهالك الأبيض.

فقد الاثنان كلاهما الآخر، وهما على قيد الحياة!

مسرحية فكاهية هزلية في أربعة فصول، من أعمال المؤلف كارون دي بومارشيه والتي نالت على شهرة واسعة في حقبتها ولا زالت. مقدمة المترجم وحدها شجعتني أكثر من السابق على القراءة والاستمرار لمعرفة ماذا يدور في عقل هذا المؤلف العازف صانع الساعات في صغرهِ. لا أحبذ البيوغرافيا كثيرًا في حالة إنني لم أبحث عنها برغبةً مني. حتى في مقدمات الكتب ولكن هذهِ جذّبتني من طرف قميصي لمعرفة المسرحية الفرنسية التي أثارث فضولي. وأثّارت فضول النَقّاد أيضًا.

هل يحلو للإنسان أحيانًا، أن يستمع إلى ما يأخذه عليه الغير ويحرجه به؟

أطال بنا المقدم في وصف العديد من النقاط قبل البدء في القراءة والتي كانت تدور حول حياة المؤلف في صغرهِ وعمله وحياته الشخصية والكثير من القصص الأدبية ومسرحياته وأيضًا زيجاته وعالمه في الأدب ودخوله إلى هذا العالم ورفضه من النِقّاد! بعد ذلك أنتقل المقدم إلى المسرحية نفسها وشخوصها بدايةً من الشخصيات نفسها وتقديمهم إلى أزيائهم وأخيرًا صفحة الفصل الأول بعد ستين صفحة تقديم. بلا شك أبدع المقدم حقًا ولكن الان الاعتماد الكلي على هذا المؤلف الذي ينبض حبًا في قلب المقدم. إنه يحاول بكل قواه الكتابية إن يُبين للقارئ أهمية هذهِ المسرحية الثقافية والتي تجعلني أشك إنها ستكون مسرحية أدبية ثقافية للمسرح الفرنسي - الإسباني. والتي غالبًا لن تُثير سُطروها خلايا عقلي.

أن الأسلوب من الكاتب، والكاتب يصدر عن الطبع الذي فطر عليه واستقام.

إنها المسرحية الأولى لثلاثية المؤلف: حلاق إشبيلية. وزواج فيجارو. والأم المذنبة. وأظن في حال قراءة أي من المسرحيات لن تتأثر بشأن القصة المهم في ذلك الشخصيات. تبدأ فكرة المسرحية الرئيسية كالاتي؛

يقدم لنا بومارشيه “المؤلف” قصة مليئة بالحيوية والفكاهية لشخصية فيجارو الحلاق الذكي الموهوب وصاحب اللسان المعسول. يقوم فيجارو بمساعدة صديقة الكونت ألمافيفا بمحاولة الوصول لِقلب حبيسته روزين. ولكن فيجارو يحيك خطة أسهل في كسب قلب روزين بأسلوبه الخاص.

وبالإجمال القصة تتمحور حول علاقة حُب من طرف واحد وأيضًا عن علاقات الصداقات. تشتهر المسرحية أكثر بسبب بذرة المؤلف وإبداعة في شخصية فيجارو المتألقة والجذابة. مما يصنع منها بعد ذلك عدة مسرحيات بنفس الشخصية. والذي زاد في شهرة هذا العمل أكثر هي الأوبرا الشهيرة لروسيني.

إن الأصالة الحقة في الابتداع الفني، وأن الطرافة في الخلق الأدبي.

في الحقيقة «نص» المسرحية لم يعجبني ولم انسجم كثيرًا في القراءة. وتطور الحبكة سريع وازعجني فعلًا. كان المقدم قد وعدني بمسرحية رائعة وثقافية وتستحق قراءة البيوغرافيا المهمة عن حياة هذا المؤلف والقصة المؤلمة خلف المسرحية لكنني اجد صعوبة في مواجهة موهبة الكاتب إذ كانت حقيقةً أم لا ! ربما كانت في حقبتها مهمة. ربما اللغة تتأثر أكثر من ترجمتها. بحثت عن الروح الفرنسية الأدبية التي تنبعث في هذا العمل مثلما تشعبّت أغصان الصبيّة والليل بروح فرنسية أدبية. الأمر الأخير الذي اثار ضجري هو التحدث عن الشخصيات ووصفهما من خلال قوسين! هذا يزعجني في القراءة جدًا وكأنني اقرأ أدب يافعين أو أطفال، دعني أخمن بماذا تُفكر هذهِ الشخصية لا تكتب لي تعابيره وتنتظر مني استجابة. لأنني لم اشهد ذلك في مسرحية فصل في الكونغو على رغم زحمة الأحداث في تلك المسرحية. وفي عمق صدري أشعر بأنَّ المؤلف جيد في كتابة الاقتباسات والنصوص القصيرة ويحسن حقًا في تعريف الفلسفة النفسية للإنسان. ولكن عمومًا جملتي الأحب لِقلبي “طالما إنه كتاب بين يدي هذا يكفيني سواء كان جيدًا أم سيئًا”.

إن التعبير عن الشيء غير الشيء نفسه.. وإن نظرة العين غير العين نفسها..

التقييم النهائي: ٣ من أصل ١٠ 💇🏽‍♂️.

تعليقات

المشاركات الشائعة