ماذا لو تستطيع أن تكون ميسي؟ ⚽️

تقييم ومراجعة كتاب إعادة تصميم الحياة — كيف سيغير تحرير الجينوم العالم؟ تأليف جون بارينغتون عن ترجمة: ليلى الموسوي إصدار المجلس الكويتي الوطني عدد ٥١٠

إلتقطتها في شمال الممكلة مجددًا 🫶🏽

أصرّيت في قراءات شهر أغسطس بأن تكون عشوائية بحت دون اختيار كتب معينة تميل للروايات أو القصص، فقررت البدء في قراءة هذا الكتاب، رغم إنني لا احمل أي بذرةً للاهتمام عن العلوم أو حتى الجينوم وتطويره في النفس البشرية. قررت مغادرة منطقة راحتي مثلما كتبت في
تدوينة رحلتي في الأدب الياباني الشعبي، ووقفت أمام عتبة هذا الكتاب لأدفع نفسي للهاوية. ولأنه من إصدارات المجلس الكويتي الوطني فلا شك بأنه سيكون كتاب جيد. ومن هذا المنطلق أشجّع قارئي العزيز على تجربة التجديد في قراءاته. هذهِ أنا أكتب النصحية وأقرر العمل عليها بجد.

مثير فعلًا بأنني أستطعت أن اندمج مع الكتاب وفكرته ومناقشته مع والدتي! لم أتوقع ذلك أبدًا. معلوماتي محدودة جدًا بعلم الوراثة وعلم الجينات، ومع ذلك عزّمت على قراءة الكتاب والاستفادة منه بشكل علمي، رغم عدم معرفتي بصدق هذهِ المعلومات. لكنني أحببت بعض من جوانب العلوم التي لطالما كرهتها وكرهت دراستها من سن صغير.

ماذا لو قرر الأطباء التشجيع على تغيَّر الجينات؟

أو حتى تعديلها وتبديلها مع جينات حيوانيه؟ والاستفادة حتى للحيوانات مع البشر في تبادل الأعضاء والروابط وحتى الهندسة الوراثية؟ 🧬

كيف سيتحول هذا العالم ؟ ..

 هل سينجو المستقبل من الأمراض الوراثية والأمراض المعدية وحتى سيكون هناك علاج لمرض السرطان والسكري!

سيتحول العالم إلى مكان خالي من الأمراض من أخطرها إلى أضعفها، سيكون العالم مزدهر للغاية ويكون مكانًا أفضل للعيش به، ستختفي الأمراض حتى الأمراض العقلية، لأنها قد تولد من خلال طفرات جينية والتي سيقوم الأطباء بالتعديل عليها أو حتى هندستها أو إنشاء حمض نووي.

يأخذنا المؤلف «جون» بإسهاب في عدة مواضيع علمية وأبرزها، علم الوراثة، علوم الجينات، تأثير الجينات على النفس البشرية حينما يتم تعديلها وإعادة إدخالها في الجسم البشري وما صحة تأثيرها. عناوين شيّقة ودسمة فعلًا، بالرغم رفض الكاتب من تبسيط بعض المعلومات والأفكار للقارئ العادي إلا أنه سهلة الفهم والإدراك.

تمنيت بشدة لو أسهب أكثر في موضوع الأخلاقيات في علم البيولوجيا والجينات، تحدث عنها بصورة عامة ثم أغلق الموضوع، ولو إنني تعجبت فعلًا لأن هناك أخلاقيات في العلوم! وحينما بلغت الجزء الأخير أدركت خطورة الأمر بالفعل ولماذا كان يتعلق الموضوع بالقانون وخطورته على الإنسان.

قام المؤلف بطرح النقاشات والمشكلات التي تقع خلف هذهِ الفكرة من أضرارها ومخاطرها وحتى صحتها على النفس البشرية وصحتها على الحيوان والبيئة، يعرض فكرة أوسع خلف هذهِ الثورة العلمية، وحتى القضايا الأخلاقية التي ينبغي لنا التصدي عنها. مثل تعديل الجنيات ومخاطرها على الأجنة وقد يؤدي ذلك إلى ظهور أمراض جديدة مقاومة لمضادات الحيوية فيشكل خطرًا على الحياة، وقد تعد تعديلات الجينات للحيوانات إلى اختلال في التوزان البيئي الطبيعي وقد يسبب أضرارًا للأنظمة البيئة الطبيعية.

على الرغم إنه كتاب علمي بحت، إلا أنَّ المؤلف قام بإدخال بعض الروايات الخياليّة التي قاموا بكتابتها أشهر الكُتَّاب ومنهم «مارغرت أتوود» كاتبة رواية "حكاية أمة" التي تحول لمسلسل يحمل نفس العنوان. فغالبًا لا يدخل العلم بالأدب خصوصًا الروايات، لكنها تبرز الفكرة الخيالية التي كان يتحدث عنها من منطلق علمي. ولأن خيال المرء مخيف يستطيع العلم على مساعدته في تحقيق أهدافه حتى لو كانت خياليّة.

لا أستطيع حشر كافة المعلومات والمواضيع المطروحة في الكتاب في تدوينة واحدة، إذ كنت مهتم جدًا في العلوم على وجه الخصوص؛ الجينات. فهذا كتاب جيد للاستفتاح به.

يناقش الكاتب علامات الذكاء في النظم البيولوجي وقدرة جسد الإنسان وقوته في مكافحة الأمراض، يغوص الكاتب أكثر ويكشف عن عقدة الجينات البشرية مع جينات الحيوانات واختلافها وبعض من عناصر بساطتها، والوظائف المذهلة لها، مثل مكافحة الأمراض ومثل أيضًا قدرتها الفائقة على تحسين صحة الإنسان وقدرة بعض الأعضاء التي يمكنها التكاثر وتكوين أنسجة جديدة. ثم يقوم بعرض فكرة تأثير إعادة هندسة الجينات الوراثية للمصابين مثل نقل الخلايا الجذعية من السليم إلى المصاب وكيفية فعل ذلك، وكيف تتم هذه العملية مع إحصائيات واضحة. مع مناقشة فكرة علاج مرض السرطان. وهل هندسة الجنيات تعد عملًا أخلاقيًا؟

بعدما ناقش جون عدة أفكار علمية حول الجينات الوراثية والحيوانيّة والبشرية، انتقل إلى فكرة ماذا لو تم التلاعب بالجينوم البشري لخلق شخصية رياضية عظيمة؟ مثل ليونيل ميسي أو حتى كريستيانو رونالدو. سيكون الكثير من هؤلاء العظماء في مجال الرياضة! لكن جون بيّن هذهِ الحقيقة من خلال حتى لو تم نسخ جينات أمهر الرياضيين وأفضل العازفين مثل موازت أو حتى العلماء الأذكياء مثل آينشتاين، ستكون الموهبة الفطرية والتنشئة البيئة مهمة جدًا في حياة الفرد العظيم مثل الأبطال الذين ذكرناهم. لا تكون الموهبة في الجينات، بل هي فطرة خلقية يولد بها الإنسان. إضافةً على بيئته الطبيعية. مثل المراوغ ليونيل ميسي الذي كان يعاني من خلل في هرمون النمو الذي تسبب في أن يكون طوله لا يزيد على أربع أقدام، وهذا الخلل قد ولد منه لقب مايسترو المرواغة، وبعدما تبينت موهبته الفطرية قام النادي بتوفير علاج هرمون النمو الذي سمح له بالوصول إلى خمس أقدام وست بوصات. فهل هذهِ جينات قابلة للتعديل أو النسخ لجنين آخر ليظهر طفل صغير بجينات ليونيل ميسي؟

ومن خلال هذا التوّسع والقضايا، هل تظن أن العلم يجب أن يضع حدودًا لنفسه؟

سبحان ربي العظيم في قدرته على خلق جسد الإنسان المثير للاهتمام! كلما قرأت في هذا الكتاب وجدتني أسبّح لعظمة الله في خلقه وشؤونه، لكل تفاصيل تحتاج تفاصيل أخرى بداخلها، لكل خلية تحمل داخلها عناصر صغيرة مختلفة! بديع السموات والأرض. بينما اكسب معلومات وجدتني اكسب أجرًا لتعظيم خلقة الله.

أغلق المؤلف الكتاب بآخر فصل في مناقشة عامة لكل ما تم تناوله من مواضيع علمية تتعلق بأكثر من مجال وفكرة في الحياة، ولكنه تركنا في دوامة اسئلة عن تقنية استخدام تحرير الجينوم لتعديل البشري، ولأنه قد عرض الكثير من المعارضات والأفكار والتجارب إلا إنها لم تكن كافية حتى العمل عليها أو تجنبها أو حتى إدراك خطورتها. فتتحول اسئلته إلى منشقات اجتماعية تختفي مظاهر العلمية، لأنها من الممكن أن تطمس هوية الإنسان البشري لكثرة تعديل جيناته.

على أن الكتاب دسم حقًا ويأخذ وقت كبير وجهد مني إلا إنني استفدت واستمتعت بشكل كبير وشكرت الله في سرَّي إنني قررت قراءته، فكنت أتوقع إنني سأعيش في تحدي صعب يقلقني في عشرة أيام، لكن ليس هذا ما حدث. ولهذا السبب يكون الخروج من منطقة الراحة مثير، لأنني لم أتوقع أبدًا أن أجد نفسي منجذبة إلى عالم الجينات المعقد، وتغيّر تفكيري بعد ما قرأت إعادة تصميم الحياة، لأنني استطعت أن أرى الجمال في التعقيد، فكرة أن كل خلية في أجسامنا تحمل شفرة خاصة بها؛ مذهلة جدًا. والمثير للدهشة أكثر، هي قدرة العلماء على فك هذهِ الشفرة والتعديل عليها! ولكن بالوقت ذاته من الممكن أن هذهِ الدهشة تصيب المرء بالقلق لإدراكه بمخاطر التلاعب بالجينات!

أعطِ فرصة للتعرف على عالم آخر واسعًا.


الخلايا الجذعية هي انعكاس لحقيقة أننا جميعًا نبدأ الحياة كخلية واحدة — وهي البويضة المخصبة. وبنمو الجنين ستتطور هذهِ الخلية المفردة في النهاية إلى إنسان يتكون من نحو ٤ تريليونات خلية.

أنَّ العبث بالجينوم البشري من أجل إنشاء فنان عظيم قد يكون له تأثير معاكس لما هو متوقع.


— التقييم النهائي : ٨ من أصل ١٠ 🧬.

تعليقات

المشاركات الشائعة