دورثي وأصدقاء الرحلة في مدينة الزمرد 👒
تقييم ومراجعة كتاب ساحر أوز العجيب للمؤلف الأمريكي ل. فرانك باوم عن ترجمة طه عبدالمنعم وعن نشر دار المحروسة ومصمم الغلاف عبدالرحمن الصواف
تصميم كتاب ساحر أوز العجيب ❇️ |
بعد شهر سبتمبر الماضي، أخيرًا ولله الحمد. اخترت أربعة كتب بسيطة جدًا أستطيع الاستمتاع بها دون التفكير المزودج أو الجهد المستمر أثناء القراءة والكتابة. ولهذا أخترت ساحر أوز العجيب. ومن صفحاته الأولى هناك ذلك الدفئ الذي يذكرني بـنساء صغيرات. أحب هذا النوع من الكتب حتى لو كانت قصصًا للأطفال. التي تملأك دفئًا. -نعم هو كتابًا للأطفال-.
الاستمتاع بأجواء المدينة، الترحال، الاجتماعات العامة التي تأتي صدفةً. لا أدري هذا النوع مُريح جدًا في القراءة. بسيط وهادئ وحكمته تظهر في سير الأحداث بدون تعقيد.
يبدأ عالمنا الساحر بالطفلة -دورثي- الصغيرة التي تعيش في مدينة رمادية تمامًا حتى منزلها تحوَّل للون الرمادي والسماء تبهت بالرمادية التي تغرق هذهِ المدينة.وثيابها الرثّة مع العمة -إم- وزوجها الذي يعتني بهن. وكلبها الصغير اللطيف يحوَّم حولها وأسمهُ -دودو-.
نعيش يوم هادئ بجوارهم لكننا فجأة ننصدم بعاصفة قادمةً من الجنوب وعاصفة تتهيأ في الشمال وتتصادم هذهِ الإعاصِير مع بعضهما وينتصف منزل عائلة -دورثي- الطفلة المسكينة في الريَّاح الشديدة وصوتها العال في الخارج — والتي أخذتها وأنتقلت بها إلى مدينةً ثانيةً غير مدينتها. وحينما هدأت العواصف تستيقظ من نومها بعدما غطّت في سبات مطمئن مع -دودو- "كلبها الصغير" لتجد نفسها تطأ بقدميها على أرض شعب -موشكين- القصير.
كانت فقط تريد الذهاب إلى منزلها، إلى عمها وعمتها -إم- فهل هذا كان كثيرًا عليها؟ وهل أخذ من وقتها؟ وربما إنها استفادت أكثر مما خسرت.
المميز في الكتب الكلاسيكية إنها دائمًا تشعرك بالدفئ! لا أدري لماذا دائمًا أشعر بهذا الشعور حينما اقرأ أعمالًا كلاسيكية! شيئًا لم أشعر به منذ فترة طويلة تقريبًا ويذكرني بأنّّ فعلًا هذا النوع من الكلاسيكيات تضيف لمسة جمالية على القراءة والكتابة وحتى تأثيرًا طفيفًا على الذاكرة. شعور يلّح عليَّ دائمًا بأن اقرأ المزيد من الأعمال الكلاسيكية حتى لو كانت للأطفال، فهي أكثر متعة لبساطتها المريحة.
رغم حواراتها البسيّطة جدًا إلا إنها مثيرة للتساؤل من شخصيات لا تحيا في حياتنا الواقعية، من صفيح ومن قش -خيال المآته- ومن أسد الذي لا يملك شجاعة في القصة! لو كان لك خيارًا فما ستختار؟ القلب أم العقل؟ ما فائدة العقل؟ ولماذا أخترت القلب؟ هل ستكون شجاعًا دون عقلًا؟ أو تكون محبًا دون قلبًا؟ … قصة بسيطة مع تساؤلات عميقة. وموضوعات إنسانية مشتركة، مثل الشجاعة والبحث عن الذات، والصداقة.
ومن مميزات أسلوب الكاتب الأمريكي باوم، هو إنه لم يقتصر على إنه يكتب ويكتسب جمهور السن الصغير بل امتد هذا الجمهور للجميع، كبيرًا وصغيرًا قد يجد إن الكتاب ممتع وشيّق، وإضافةً على ذلك إنها تحتوي الرواية على عدة رموز سياسية واجتماعية مما يرمز إلى تلك الفترة التي كان يكتب بها باوم هذهِ القصة. — وشخصيًا أبلغ الرابعة والعشرين وأحببت الكتاب جدًا لبساطته وأسلوبه وفكرته الواضح على عكس كتب شهر سبتمبر التي جعلتني أكره القراءة.
وبعد رحلاتهم الطويلة والمتكررة والتي تقع بها الكثير من الحوادث والمواقف التي تنشأ في أي رحلة برّية. يوصلون أخيرًا أبطالنا الخمسة إلى مدينة الزمرد، مدينة خضراء ناظرة تسرّ الأعين، وأخيرًا يوصلون إلى عتبة قصر أوز العجيب. بدأت أحلامهما تكبر وتتوسع ويتخيّلون حياتهم بعد حصولهم على أمانيهم… يتشجع القارئ لأنه معهما من بداية رحلتهم الشاقّة وأخيرًا نصل لعتبة أوز! ساحر العجائب. الذي سيحقق لهما أمانيهما. وسَيعيشون برغباتهم طيلة حياتهم.
ثم نكتشف شيئًا يعود بنا إلى عاصفة -دورثي- من جديد، نصل إلى أرض -الموشكين- ونعود نستشعر حنين -دورثي- على إسرتها! وبعد مقابلة الساحر المخادع… نجلس أمام حزن خيال المآتة الذي نعرف عنه إنه يملك عقلًا دون أن يطلبه أساسًا -ولكنه لم يدرك ذلك بعد. ويذكرنا خيال المآتة بأنفسنا نوعًا ما-، فيقول بخيبة كبيرة؛ يعني هذا أنك لا تستطيع إعطائي عقلًا؟ فقال له أوز العجيب المخادع: «أنت لا تحتاج إليه، فأنت تتعلم كل يوم شيئًا جديدًا، الطفل يملك عقلًا ولكنه لا يستخدمه، التجربة هي الشيء الوحيد الذي يجلب المعرفة، وكلما سافرت وجربت وتعلمت، تزيد خبراتك وتزيد معرفتك.» رغم إنه مخادع وكاذب إلا كان صادقًا في هذا الحوار مع خيال المآتة لأننا شهدنا ذلك بالفعل، فقد كان هو العقل المدبر في هذهِ الرحلة بأكملها، فلماذا يطلب عقلًا بينما هو بالأصل يملكه؟
رغم رحلاتهم المتواصلة وشقاءهم وخوفهم وأمانيهم إلا إنهم يجدونها فيهما من الأساس. قصة بسيطة جدًا لكنها تملك طابع حسّي للغاية، تستشعر كل رحلاتهما تستشعر خوفهما وحديثهم، تستمد القصة من دوائر ودوافع المرء في داخلة. أشعر بأنَّ الله عوضني بكتاب رائع بعد قراءات شهر سبتمبر.
وطبعًا لا ننسى التصميم الرهيب لغلاف الكتاب، تحية خاصة للمصمم على هذا التصميم بالفعل الذي يفتح النفس، والألوان زاهية مثل مدينة الزمرد مليئة بالزخارف الخضراء. تذكرني بتصاميم أوراق اللعب، لأنني مصممة جرافيكس فهذا النوع من التصاميم يزيد شغلة حماسي للقراءة، بحثت عن الفيديو الذي يشبه هذا النوع من التصاميم لكنني أضعته، لا مشكلة وجدت صور تقريبية في موقع بنترست 👇🏽
والتي أقصدها نفس هذهِ التصاميم نوعًا ما.
وقد كتب المصمم في مقالة مقابلة، «غلاف الكتاب نافذة بصرية للقارئ يتشكل من روح الفنان».
بالفعل هي نافذة خصوصًا إذ كان عبدالرحمن مصمم الغلاف، ولأنني أتفق مع المصمم أشكرك جدًا على هذا الإبداع وأتمنى أن تصمم كل أغلفة الكتب العربية إذ كانت تحمل طابعًا إبداعيًا شهيًّا للقراءة ولرؤيتها.
لأنك لا تملك عقلًا تفكر به، لا تعرف، مهما كان البيت رماديًا وجافًا فإنه يظل بيتي؛ نحن البشر المصنوعين من لحم وعظم يجب أن نعيش في بيوتنا؛ بدلًا من أي مكان، حتى لو كان أجمل، فليس هناك أجمل من البيت.
إنَّ التفكير أفضل شيء يحصل عليه المرء، سواء كان العقل في جسد إنسان أو في جسد غراب.
يبدون أنه غير مريح أن تكون مصنوعًا من لحم وعظم؛ فيجب عليكِ النوم والأكل والشرب، ومع ذلك تملكين عقلًا، وهو يستحق الكثير من العناء لتكوني قادرة على التفكير بشكل صحيح.
— التقييم النهائي: ٨ من أصل زمردة 👒.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركني رأيك، لأنه يهمني.. الخانة مفتوحة لبحر كلماتك 💌